ووجه الدلالة من هذا الحديث ظاهرة؛ إذ لو لم يكن الصوم والفطر كلٌّ منهما جائزًا مباحًا في السفر، لما صام رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وابنُ رواحة، وأفطرَ الصحابةُ (?).
قال العلامة ابن مفلح في "فروعه": للمسافر الفطرُ إجماعًا، وهو مَنْ له القصرُ وفاقًا، وإن صامه، أجزأه، نقله الجماعة؛ وفاقًا، وقيل: لا؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليسَ مِنَ البِرِّ الصِّيامُ في السَّفَرِ" (?)، وعمرُ وأبو هريرةَ يأمرانِه بالإعادة، وقاله الظاهرية، ويروى عن ابن عوف، وابن عمر، وابن عباس -رضي اللَّه عنهم-، والسنة الصحيحة تردُّ هذا القول.
وسأل إسحاقُ بنُ إبراهيمَ الإمامَ أحمدَ عن الصوم في السفر لمن قويَ، فقال: لا يصوم.
وحكاه صاحب "المحرر" عن الأصحاب، قال: وعندي: لا يكره إذا قوي عليه، واختاره الآجري.
وظاهر كلام ابن عقيل في "مفرداته"، وغيره: لا يُكره الصوم، بل تركُه أفضل.
ومعتمد المذهب: يُسن للمسافر الفطرُ، ويكره له الصوم، ولو لم يجد له مشقة، ويجزيه.
وليس للمسافر -وكذا المريض- أن يصوم في رمضان عن غيره؛ وفاقًا لمالك، والشافعي؛ كالمقيم الصحيح؛ وفاقًا، فيقع صومُ المسافر، وكذا المريض في رمضان عن غيره باطلًا؛ وفاقًا لمالك، والشافعي.