قال الإمام ابن القيم في "أعلام الموقعين": الحيل دائرة بين الكفر والفسق، لا يجوز أن تُنسب إلى أحد من الأئمة، ومن نسبها إلى أحد منهم، فهو جاهل بأصولهم ومقاديرهم، ومنزلتهم من الإسلام، وإن كان بعضُها قد ينفذ على أصول إمام، بحيث إذا فعلها المتحيل، نفذ حكمها عنده، ولكن هذا غير الإذن فيها وإباحتها وتعليمها.

ثمَّ قال: والذي ندينُ اللَّه به: تحريمُها، وإبطالُها، وعدمُ تنفيذها، ومقابلةُ أربابها بنقض تصورهم لموافقة شرع اللَّه وحكمته.

ثمَّ قال: والمقصود: أنّ هذه الحيل لا يجوز أن تُنسب إلى إمام؛ فإنّ ذلك قدحٌ في إمامته، ويلزم منه القدحُ في الأمّة؛ حيث ائتمَّت بمن لا يصلح للإمامة، وهذا غير جائز، ولو فرض أنّه حكي عن واحد من الأئمة بعضُ هذه الحيل المجمَع على تحريمها، فإمّا أن تكون الحكاية باطلة، أو يكون الحاكي لم يضبط لفظَه، فاشتبه عليه، ولو فرض وقوعُها منه في وقت ما، فلا بد أن يكون قد رجع عن ذلك، وإن لم يحمل على ذلك، لزم القدحُ في الإمام، وفي جماعة المسلمين المؤتمين به، وكلاهما غير جائز.

قال الإمام أحمد: عجيبٌ مما يقول به أربابُ الحيل في الحيل، وذكر أصحاب الحيل، فقال: يحتالون لنقض سُنَن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، عمدوا إلى السنن، واحتالوا لنقضها.

قال ابن القيم: فإذا احتال العبد على تحليل ما حرم اللَّه، وإسقاطِ ما فرض، وتعطيلِ ما شرع اللَّه، كان ساعيًا في دين اللَّه بالفساد من وجوه:

أحدها: إبطالُ ما في الأمر المحتال عليه من حكمة الشارع، ونقض حكمه، ومناقضته له. وذكر عدة وجوه، ثمَّ قال: ولو أنّ النّاس كلهم تحيلوا لترك الحج والزكاة، لبطلت فائدةُ هذين الفرضين العظيمين، وارتفع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015