(عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يَبُولَنَّ) نهيٌ مؤكَّد بالنون الثقيلة، والبولُ معروفٌ، يقال: بال الإنسان والدابة يبول بَوْلاً ومَبالاً، فهو بائل، والجمعُ أبوال.
(أَحَدُكُمْ) معشرَ الأمة من كل مكلف، ويتناولُ وليَّ الصغير؛ لتأثيرِ بولهِ في الماء اليسير بإتلافه، (في الماءِ الدائِمِ)؛ أي: الساكن، (الذِي لا يَجْرِي) قيلَ: إنه تفسيرٌ للدائم، وإيضاحٌ لمعناه، وقيل: احترزَ به عن راكدٍ يجري بعضُه؛ كالبِرَكِ، وقيلَ: احترزَ به من الدائم؛ لأنه جارٍ من حيثُ الصورةُ، ساكنٌ من حيثُ المعنى، ولهذا لم يذكر القيدَ في رواية: "الراكد" (?) بدلَ الدائمِ.
قال ابن الأنباري: الدائمُ منَ الأضداد، يقال للساكن والدائر (?)، فعلى هذا قوله: "لا يجري" صفة مخصِّصَةٌ لأحد معنيي المشترك، وقيل: الدائم والراكد مقابلان للجاري، لكن الدائمَ هو الذي له نبعٌ، والراكد الذي لا نبعَ له.
(ثُم يَغْتَسِلُ) بضم اللام على المشهور، وقال ابن مالك: يجوزُ الجزمُ عطفاً على "يبولَن"؛ لأنه مجزومُ الموضع بلا الناهية، ولكنه بُني على الفتح لتوكيده بالنون (?)، ومنع ذلك القرطبي؛ لأنه لو أراد ذلك، لقال: ثم لا يغتسلَنَّ، فحينئذٍ يتساوى الأمران في النهي عنهما؛ لأن المحل الذي