ولا يصلح العالَم إلا بالإقامة على سنن العدل والاستقامة.
وفي وصية عمرِو بنِ العاص لابنه عبدِ اللَّه -رضي اللَّه عنهما-: يا بني! احفظْ عني ما أُوصيك به: إمامٌ عدلٌ خيرٌ من مطرٍ وَبْل، وأسدٌ خطومٌ خيرٌ من إمامٍ ظَلُوم، وإمامٌ ظلومٌ غشومٌ خيرٌ من فتنةٍ تدومُ (?).
والظلم من حيث هو يتنوَّع أنواعًا كثيرة:
فأعظمُه: الشركُ باللَّه؛ كما قال -عزَّ وجل-: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].
والكذبُ على اللَّه تعالى، ويدخل في هذا أمناءُ اللَّه على شريعته، المتوسطون بينه وبين خليقته؛ كما أشار -جلَّ شأنه- إلى هذا في قوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} الآية [الأنعام: 93].
وكذا وُلاة الأمور من الخلفاء والسلاطين والأمراء، وكل ذي ولاية، حتّى على أهل بيته.
وفي خبر: "أشدُّ النّاس عذابًا يومَ القيامة مَنْ أشركَهُ اللَّهُ في حُكمه، فأدخلَ عليه الجَوْرَ في عدله" (?)؛ يعني: من جعله حاكمًا على خلقه، فساسهم بالسياسة الظالمة، والعوائد الفاسدة الآثمة، والقوانين الباطلة، ووضعِ المكوسِ، وظلمِ الرعايا، والاستئثار بالغيِّ والكبر، والفخر والعجب والخيلاء.