سبب النهي ليس هو مظنة النجاسة، وإنما هو مظنة اتخاذها أوثانًا، ولئلا تتخذ ذريعة إلى نوع من الشرك؛ بالعكوف عليها، وتعلق القلوب بها رغبة ورهبة، ولما في ذلك من مشابهة الكفار بالصلاة عند القبور.
وقد قال الإمام الشافعي: أكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجدًا؛ مخافة الفتنة عليه، وعلى من بعده من الناس، ولا سيما وقد نبه -عليه الصلاة والسلام- على العلة بقوله: "اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد" (?).
وسبب عبادة اللات: قبر رجل صالح كان هناك يلت السويق بالسمن، ويطعم الحاج، ولذا قرىء: اللاتّ -بتشديد التاء-.
وذكروا أن وَدًّا وسواعًا ويغوث ويعوق ونسرًا: أسماء قوم صالحين، كانوا بين آدم، ونوح -عليهما السلام-، فلما ماتوا، قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم، كانوا أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا، وجاء آخرون، وسوس لهم الشيطان، وقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يُسقون المطر، فعبدوهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فالعكوف على القبور، والتمسح بها، وتقبيلها، والدعاء عندها، ونحو ذلك؛ هو أصل الشرك وعبادة الأوثان.