(فَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ) تثنية يد، وحقيقتها إلى الكوع، ويقال فيه: كاعٌ، وهو طرف الزَّنْدِ الذي يلي الإبهام، وطرفُه الذي يلي الخنصرَ كُرْسوعٌ، والذي يلي الوسطى رُسْغٌ، وإنما دخل الزندُ في الوضوء بقيدِ: {إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6]، ويكون غسل يديه (قَبْلَ أَنْ يَدْخِلَهُما) أو إحداهما (في الإِناءِ)؛ أي: الوعاءِ الذي فيه الماء إذا كان يسيراً دون القُلتين، ولا بد من تكرار غسلِهما (ثلاثاً) من المرات بنيةٍ شُرطت، وتسميةٍ وجبتْ، ثم علل - صلى الله عليه وسلم - ذلك بقوله: (فَإِن أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي)؛ أي: لا يعلم، فإن الدراية تُرادفُ العلمَ (أَيْنَ) ظرفُ مكان (باتَتْ) من البيتوتة، والمبيت إنما يكون بالليل دون النهار، فلهذا خُص الحكمُ بالنوم ليلاً (يَدُهُ) (?).
ولأبي داود: "فَإِنَّهُ لا يَدْري أَيْنَ باتَتْ، أَوْ أَيْنَ كانَتْ تَطُوفُ يَدُهُ" (?)؛ أي: من جسده.
قال الشافعي: كانوا يستجمرون وبلادُهم حارةٌ، فربما عرقَ أحدُهم إذا نام، فيحتمل [أن] تطوف يدُه على المحل، أو على بَثْرةٍ، أو دمِ حيوان، أو قَذَرٍ غير ذلك (?).
وتعقبه أبو الوليد الباجي بأن ذلك يستلزمُ الأمرَ بغسل ثوبِ النائم (?)؛ لجواز ذلك عليه، وأجيبَ بأنه محمولٌ على ما إذا كان العرق في اليد دون المحل، وأن المستيقظَ لا يريد غمسَ ثوبه في الماء حتى يؤمرَ بغسله،