قال شيخ الإسلام: وأقرب الحدود ما تجب فيه الجمعة؛ لأنه إذنٌ من أهل الصلاة في البلد، فلا يعد غائبًا عنها (?).
واعتذر من لم ير الصلاة على الغائب عن الحديث بأشياء:
منها: أن فرض الصلاة لم يقم على النجاشي ببلاد الحبشة، حيث مات؛ فلا بد من إقامة فرضها.
ومنها: ما قيل: إنه رفع للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فرآه، فيكون ما صلَّى إلا على ميت رآه، وإن لم يره المأمومون، وهذا يحتاج إلى نقل يثبته، ولا يكتفى فيه بمجرد الاحتمال (?).
قال في "شرح المقنع": فإن قيل: يحتمل أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- زويت له الأرض، فأري له الجنازة، قلنا: لم ينقل ذلك أحد، ولو كان، لأخبر به، ولنا الاقتداء بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما لم يثبت ما يقتضي اختصاصه؛ ولأن الميت مع البعد لا تجوز الصلاة عليه، ولو كان الإنسان يراه، ولو اختصت الرؤية بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، لاختصت الصلاة به، وقد صف أصحابه، [فصلى بهم].
وأما قولهم: إنما فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك؛ لكون الحبشة لم يكن فيها من يصلي عليه.
فالجواب: هذا عدول منكم عن مذهبكم؛ فإنكم لا تجيزون الصلاة على الغريق، والأسير، وإن كان لم يصل عليه، وأيضًا: يبعد من مَلِكٍ يكون على دين، ولا يوافقه عليه أحد من بطانته، واللَّه أعلم (?).
* * *