{وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: 6]، وقيل: إنه معطوف على محل برؤوسكم؛ كقوله تعالى: {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ: 10]-بالنصب-.
الثاني: أن المسح في الآية محمول على مشروعية المسح على الخفين، فحملوا قراءة الجر على مسح الخفين، وقراءة النصب على غسل الرجلين. وقد قرر ذلك أبو بكر بنُ العربي تقريراً حسناً، فقالَ ما ملخصُه:
ما ظاهرهُ التعارض إن أمكنَ العملُ بكلٍّ، وجبَ، وإلا، عُملَ بالقدر الممكن، ولا يتأتى الجمعُ بين الغَسْل والمسح في عضو واحد في حالة واحدة؛ لأنه يؤدي إلى تكرار المسح؛ لأن الغَسْلَ يتضمن المسح، والأمرُ المطلَقُ لا يقتضي التكرار، فبقي أن يُعمل بهما في حالين؛ توفيقاً بين القراءتين، وعملاً بالقدر الممكن، وقيل: إنما عطفت على الرؤوس الممسوحة؛ لأنها مَظِنَّةٌ لكثرة صبِّ الماء عليها، فلمنعِ الإسراف عُطفت، وليس المرادُ أنها تُمسح حقيقة، ويدل على هذا قولُه - تعالى -: {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]؛ لأن المسح رخصة، فلا يُقَيد بالغاية (?).
الثالث: أن المسح يطلَقُ على الغَسْل الخفيف، يُقال: مسح على أطرافه؛ لمن توضأ، ذكره أبو زيدٍ اللغوي، وابن قُتيبةَ، وغيرُهما، والله أعلم (?).
تنبيهان:
الأول: روى هذا الحديثَ من الصحابة جماعةٌ منهم - غير الذين ذكرهم المصنف -رحمه الله تعالى -: جابرٌ، رواه الإمام أحمدُ، وابنُ ماجه (?)،