وفي هذه الرواية من الفوائد: تعليم الاستعاذة، وصيغتها؛ فإنه قد كان يمكن التعبير عنها بغير هذا اللفظ؛ مما يحصل به المقصود، ويحصل به امتثال الأمر، ولكن الأولى قول ما أمر به الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-.
ومن فوائد الحديث، مع الالتجاء إلى اللَّه -سبحانه وتعالى- من هذه الأمور المهولة: أنها أمور غيبية إيمانية، فتكررها على الأنفس في كل صلاة، يجعلها ملكة لها (?).
فإن قيل: ظاهر الحديث يعم التشهد الأول، وقد خصوه بالتشهد الثاني، فمن أين لهم ذلك؟
فالجواب: أنه قد اشتهر بين العلماء استحباب التخفيف في التشهد
الأول، وعدم استحباب الدعاء بعده، حتى إنه لم يصل على النبي وآله فيه، ومن رأى الصلاة عليه فيه، لم ير الصلاة على الآل فيه؛ كل ذلك طلبًا للتخفيف، وحرصًا على اقتفاء المأثور، والمجيء بالصلاة على نسق واحد، من غير فصل بين أبعاضها بغير ما هو من جملتها.
وأما الإتيان بذلك في آخر التشهد الثاني؛ لكونه قد فرغ من صلاته، فساغ له أن يدعو لنفسه، ولا سيما بالمهمات المهولة (?)، وتقدم ما أخرجه ابن خزيمة، من حديث ابن طاوس، عن أبيه، من كونه خصه بالتشهد الأخير، قال ابن جريج: أخبر به، عن أبيه، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- (?).
وأخرج مسلم من رواية الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، من حديث