وقال الإمام ابن القيم في "صفة الصلاة": كان المصلي إذا فرغ من صلاته، جلس جلسة الراغب الراهب، يستعطي من ربه ما لا غنى به عنه، فشرع له أمام استعطائه كلمات التحيات، مقدمة بين يدي سؤاله، ثم يتبعها بالصلاة على من نالت أمته هذه النعمة على يده، وبسفارته، فكأن المصلي توسل إلى اللَّه تعالى بعبوديته، ثم بالثناء عليه والشهادة له بالوحدانية، ولرسوله بالرسالة، ثم بالصلاة على رسوله، ثم قيل له: تخير من الدعاء أحبه إليك، فذاك الحق الذي عليك، وهذا الحق الذي لك، وشرعت الصلاة على آله مع الصلاة عليه؛ تكميلًا لقرة عينه، بإكرام آله والصلاة عليهم، ثم شرع له أن يستعيذ باللَّه من مجامع الشر كله (?).
فلذا قال: (من عذاب القبر)؛ وهو مدفن الإنسان، وجمعه: قبور، والمقبُرة -مثلثة الباء، وكمكنسة-: موضعها (?). والمراد: الاستعاذة باللَّه من عذاب البرزخ.
(ومن عذاب النار) التي هي أثر غضب الجبار.
قال الإمام ابن القيم: العذاب نوعان: عذاب في البرزخ، وعذاب في الآخرة، وأسبابه الفتنة، وهي نوعان: كبرى، وصغرى؛ فالصغرى: المشار إليها بقوله: (ومن فتنة المحيا)، وإنما كانت صغرى: بالنسبة لما بعدها، ولأنها يمكن تداركها بالتوبة (?).
قال ابن دقيق العيد: فتنة المحيا: ما يعرض للإنسان مدة حياته؛ من