قال ابن عباس: (فمررت بين يدي بعض الصف)، وفي لفظ: حتى سرت بين يدي الصف الأول (?)، (فنزلت) عن الأتان، (فأرسلت الأتان ترتع)؛ أي: ترعى، يقال: رتع؛ كمنع: رتعًا، ورتوعًا، ورِتاعًا -بالكسر-: أكل وشرب ما شاء في خصب وسَعَة، أو هو الأكل والشرب رغدًا في الريف (?).
(ودخلت في الصف) أصلي معه، (فلم ينكر ذلك)؛ أي: مروري بالأتان بين يدي بعض الصف (عليَّ أحد)؛ لا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا أصحابه.
قال ابن دقيق العيد: استدل ابن عباس بترك الإنكار، ولم يستدل بترك إعادتهم للصلاة؛ لأن ترك الإنكار أكثر فائدة (?).
وتوجيهه: أن ترك الإعادة يدل على صحتها فقط، لا على جواز المرور، وترك الإنكار يدل على جواز المرور وصحة الصلاة معًا.
ويستفاد منه: أن ترك الإنكار حجة على الجواز، بشرط انتفاء الموانع من الإنكار، وثبوت العلم بالاطلاع على الفعل.
واستدل بهذا الحديث على: أن مرور الحمار لا يقطع الصلاة؛ فيكون ناسخًا لحديث أبي ذر -الذي ذكرناه قريبًا- في كون مرور الحمار يقطع الصلاة، وكذا المرأة، والكلب الأسود؛ فإن مرور الحمار محقق في حال مرور ابن عباس وهو راكبه.