واعلم: أن السعادة الأبدية، لا تتم إلا بالعلم والعمل، ولا يعتد بواحد منهما بدون الآخر، وإن كلا منهما ثمرة الآخر، مثلا: إذا تمهر الرجل في العلم، لا مندوحة له عن العمل بموجبه، إذ لو (1/ 53) قصر فيه، لم يكن في علمه كمال، وإذا باشر الرجل العمل، وجاهد فيه، وارتاض حسبما بينوه من الشرائط، تنصب على قلبه العلوم النظرية بكاملها، فهاتان طريقتان.
الأولى منهما: طريقة الاستدلال، والثانية: طريقة المشاهدة، وقد ينتهي كل من الطريقتين إلى الأخرى، فيكون صاحبه مجمعا للبحرين.
فسالك طريق الحق نوعان:
أحدهما: يبتدئ من طريق العلم إلى العرفان، وهو يشبه أن يكون طريقة الخليل - عليه الصلاة والسلام -، حيث ابتدأ من الاستدلال.
والثاني: يبتدئ من الغيب، ثم ينكشف له عالم الشهادة، وهو طريق الحبيب، حيث ابتدأ بشرح الصدور، وكشف له سبحات وجهه.