من معرفته ثم خالفه، وأعرض عنه، وأما من لم يكن عنده الرسول خبر أصلاً، ولا تمكن من معرفته بوجه، وعجز عن ذلك فكيف يقال إن ظالم.
الأصل الثاني: أن العذاب يُسْتَحَقّ بشيئين: أحدهما الإعراض عن الحجة وعدم إرادته لها وبموجبها. الثاني العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها. فالأول كفر إعراض، والثاني كفر عناد، وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها فهذا هو الذي نفى الله التعذيب عليه، حتى تقوم حجته بالرسل.
الأصل الثالث: أن تقوم حجة الله على الكفار في زمان دون زمان، وفي بقعة وناحية دون أخرى، كما أنها تقوم على شخص دون آخر، إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون، وإما لعدم فهمه لكونه لا يفهم الخطاب ولم يحضر ترجمان يترجم له فهذا بمنزلة الأصم الذي لا يسمع شيئاً، ولا يتمكن من التفهم وهو أحد الأربعة الذين يدلون على الله بالحجة يوم القيامة كما تقدم في حديث الأسود وأبي هريرة وغيرهما.
الأصل الرابع: أن أفعال الله سبحانه تابعة لحكمته التي لا يخل بها، وأنها مقصودة لذاتها المحمودة، وعواقبها الحميدة، تبنى مع تلقي أحكامها من نصوص الكتاب والسنة، لا من آراء الرجال وعقولهم، ولا يدري قدر الكلام في هذه الطبقة