فأقول: هذا حق لا مرية فيه، وليس فيه أنه إذا دعاهم1 إلى الله بما ذكر من الموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن، ولم يرتدعوا، ولم ينتهوا أنه لا يقاطعهم، وينابذهم، ولا يبرأ2 إلى الله منهم.
وإذا كان ذلك كذلك فلا يخلو أمر هؤلاء الجهمية والإباضية والمرتدين من عباد القبور من إحدى ثلاث أمور:
إما أن يكونوا قد دعوتموهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلتموهم بالبراهين التي يُقِرُّ بها ويسلمها كل أحد، فقبلوا ما دعوتموهم إليه من الهدى، ودين الحق، فرجعوا عن ضلالتهم، وتابوا وأنابوا والتزموا بما كان عليه أهل السنة والجماعة، وحينئذ يكون المعادي لهم والمعترض عليكم وعليهم مخطاً ظالما ً متعدياً.
وإما أن يكونوا لم يقبلوا ما دعوتموهم إليه من الهدى، ودين الحق، وطريقة أهل السنة والجماعة، بل كابروا3، وعاندوا، وتمردوا، وشَرَدُوا على الله شِراد البعير على أهله، فتكون الحجة قد قامت عليهم، وحينئذ فلا مانع من تكفيرهم، وإظهار عداوتهم، والبراءة منهم، وبغضهم، والتنفير عنهم