كشف الشبهتين (صفحة 49)

الشبهة ليتوصل بذلك إلى أن يترك الناس الأمرَ بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن في ذلك تنفيراً للناس عن قبول النصيحة، ويظنون أن هذا من جهل الآمر والناهي، وأن العقل لا يسوغ هذا، وهذا العقل هو حظ كثير من الناس، بل أكثرهم وهو عين الهلاك، وثمرة النفاق، فإن أربابه يرون أن العقل إرضاء الناس جميعهم، وعدم مخالفتهم في أغراضهم، وشهواتهم، واستجلاب مودتهم ويقولون أصلح نفسك بالدخول مع الناس، والتسلك معهم، ولا تبغض نفسك عندهم، فلا يقبلوا لك نصحاً، وهذا هو إفساد النفس وإهلاكها، وفاعل ذلك قد التمس رضا الناس بسخط الله وصار الخلق في نفسه أجل من الله، ومن التمس رضى الناس في سخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، فمن نصح نفسه وأراد نجاتها فليلتمس رضا الله بمعاداة أعداء الله ورسوله، ويعلم أن أصل الأصول لا استقامة له، ولا ثبات إلا بمقاطعة أعداء الله، وجهادهم، والبراءة منهم والتقرب إلى الله بمقتهم، وعيبهم، وقد قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015