وأما قول هذا المعترض: "ولا يقول يا كافر ويا مشرك ويا جهمي ويا فاسق ويا مبتدع" ونحو ذلك.
فأقول: أما في حالة الدعوة إلى الله فلا ينبغي أن يكافحهم بهذه الألفاظ ابتداء، بل الواجب أن تكون الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأما كون المسلم دائماً مع أعداء الله ورسوله في لين وتلطف فهذا لا يقوله من عرف سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيرة أصحابه، كما قدمنا أن ذلك منهم قد كان مبدأ1 الأمر، وحال الضعف، وأما مع قوة شوكة المسلمين ودولتهم، وبعد قيام الحجة، وبلوغ الدعوة فحاشا وكلا بل قد قال صلى الله عليه وسلم لليهود: "يا إخوان القردة والخنازير" وكيف يكون اللين والتلطف دائماً مستمراً وقد قال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ *لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} [الكافرون2:1] إلى آخر السورة وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [يونس: من الآية104] الآية وقال تعالى عن خليله إبراهيم إمام الحنفاء الذي قال الله فيه: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَه} [البقرة: من الآية130] وقال تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل:123] {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي