إذا تمهد واتضح لك ما قدمناه من كلام أئمة الإسلام فاعلم أن هذا الرجل ابتدأ1 كلامه في فاتحة رسالته بالحضِّ على إفراد الرب سبحانه بجميع أنواع العبادات، ومتابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا سعادة للعبد ولا فلاح له في الدارين إلا بمتابعة هدى النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر أن على كل من نصح نفسه، وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين إلى آخر كلامه.
وهذا حق لو وفق له، وعمل به إن كان قد علم به، ولكنه نكب عن هذه الطريقة ولم يسر على منهج هذه الحقيقة، فوضع الكلام في غير موضعه، وحرف كلام العلماء بمفهومه الساقط، وتأويله القاسط، وقد كان من المعلوم أنه لا يجتمع في قلب عبد موالاة2 أعداء الله ورسوله، ومحبتهم، والجدال عنهم، وحماية حماهم، مع محبة الله تعالى، ومحبة أوليائه،