أسبق الناس إليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف يكون المسباح أمراً مشروعاً محبوباً لله ويفوز بقصب السبق إليه هؤلاء الخلوف ويُحرمه أفاضل الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر أصحابه _ رضي الله عنهم _ هذا ما لا يكون أبداً، ومع كونه محدثة في الدين، لم يتخذه ويستعمله من الناس في الغالب إلا أهل الغفلة، والمرائين بأعمالهم، وفساق الناس الذين لا يذكرون الله إلا قليلاً، فإذا جاء أحدهم إلى مجامع الناس أو مساجدهم ومجالسهم أو أسواق المسلمين رأيت المسباح في يده.
وقد قال شيخ الإسلام قدس الله روحه بعد كلام له: وإنما مثلهم بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه، أو يقرأ فيه ولا يتبعه، وبمنزلة من يزخرف المسجد ولا يصلي فيه، أو يصلي فيه قليلاً، وبمنزلة من يتخذ المسابيح والسجادات المزخرفة، وأمثال هذه الزخارف الظاهرة التي لم تشرع، ويصحبها من الرياء والكبر ومخالفة الشرع ما يفسد حال صاحبها إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى.
إذا عرفت هذا وعرفت أن اتخاذه على هذا الوجه ليس من الدين في شيء، وأنه بدعة ورياء محدثة، ومن جوزه من العلماء فإنما قاسه على الحصى ونحوها.
وبلا نزاع أن التسبيح بالأصابع وعقدها في كاعة الله هو السنة المحمدية الثابتة من قوله وفعله، وفعل خلفائه وصحابته، وفي هديهم كفاية لكل مقتدي، ولكن شرط من أجازه من