أما الإِمَام أَحْمد فقد رَوَاهُ بلفظين:
أَولا: رَوَاهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ بِلَفْظ "إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن زوارات الْقُبُور".
وَأَيْضًا: عَن حسان مثله.
ثَانِيًا: عَن ابْن عَبَّاس بِلَفْظ "لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زائرات الْقُبُور والمتخذين عَلَيْهَا الْمَسَاجِد والسرج".
وَأما أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فقد أَخْرجُوهُ كلهم عَن ابْن عَبَّاس مثل لفظ الإِمَام أَحْمد الْمُتَقَدّم عَنهُ. وَكَذَلِكَ ابْن حبَان فقد رَوَاهُ عَن ابن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة مثله. وَأما التِّرْمِذِيّ فقد رَوَاهُ من طرق الإِمَام أَحْمد الثَّلَاثَة الْمُتَقَدّمَة وَلَفظه عَن ابْن عَبَّاس "أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن زائرات الْقُبُور" وَعَن أبي هُرَيْرَة وَحسان بِلَفْظ " لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زوارات الْقُبُور". بعد أَن ترْجم لَهَا بقوله: بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَة زِيَارَة الْقُبُور للنِّسَاء, ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح وَقد رأى بعض أهل الْعلم أَن هَذَا كَانَ قبل أَن يرخص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رخص دخل فِي رخصته الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَقَالَ بَعضهم: إِنَّمَا كره زِيَارَة الْقُبُور للنِّسَاء لقلَّة صبرهن وَكَثْرَة جزعهن.
وَرَوَاهُ أَيْضا ابْن مَاجَه فِي سنَنه من الطّرق الثَّلَاثَة الْمُتَقَدّمَة عِنْد الْإِمَامَيْنِ أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ كلهَا بِلَفْظ "لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زُوَّارات الْقُبُور" , بعد أَن بوب لَهَا بقوله: بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْي عَن زِيَارَة النِّسَاء للقبور, وَقَالَ فِي الزَّوَائِد: إِسْنَاد حَدِيث حسان بن ثَابت صَحِيح وَرِجَاله ثِقَات.
فَتبين من هَذَا أَن لفظ "لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زوارات الْقُبُور" جَاءَ من الطّرق الثَّلَاثَة الْمُتَقَدّمَة أَعنِي: عَن ابْن عَبَّاس، وَثَانِيا عَن أبي هُرَيْرَة وثالثا عَن حسان بن ثَابت رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ.
وَأَن لفظ "لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زائرات الْقُبُور" جَاءَ من طَرِيقين.
أَولا: عَن ابْن عَبَّاس عِنْد الإِمَام أَحْمد وأبى دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَأبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ.
وَثَانِيا: عَن أبي هُرَيْرَة عِنْد ابْن حبَان وَالله أعلم.