وَصَارَ هَذَا مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الِاسْتِثْنَاءِ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ يَعْتَمِدُ الصِّحَّةَ شَرْعًا كَدَلِيلِ الْخُصُوصِ إنَّمَا يَكُونُ مُعَارِضًا إذَا صَحَّ فِي نَفْسِهِ شَرْعًا وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ صِحَّتَهُ بِكَوْنِ الْمُخَاطَبِ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ بِالْعَقْدِ، وَذَلِكَ فِي حَقِّ الْبَالِغِ دُونَ الصَّبِيِّ فَيَبْقَى التَّسْلِيطُ مُطْلَقًا فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ ضَيَّعَ الْوَدِيعَةَ لَا يَضْمَنُ بِأَنْ رَأَى إنْسَانًا يَأْخُذُهَا أَوْ دَلَّهُ عَلَى أَخْذِهَا وَالْبَالِغُ يَضْمَنُ بِمِثْلِهِ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْمُعَارِضَ صَحِيحٌ فِي حَقِّ الْبَالِغِ دُونَ الصَّبِيِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَالْفِعْلُ وَقَوْلِهِ وَالْمُسْتَثْنَى لِلْحَالِ أَيْ التَّسْلِيطُ فِعْلٌ فَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا وَرَاءَ الِاسْتِحْفَاظِ مِنْهُ حَقِيقَةً وَالْحَالُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مُطْلَقٌ لَا عَامٌّ وَأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْ خِلَافِ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْ جَعْلُهُ اسْتِثْنَاءً حَقِيقِيًّا لِهَذِهِ الْمَوَانِعِ يُجْعَلُ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا مُعَارِضًا لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إنْ أَمْكَنَ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ مُعَارِضًا أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ فَيَبْقَى الْفِعْلُ تَسْلِيطًا مُطْلَقًا فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ وَصَارَ هَذَا أَيْ كَوْنُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ مُعَارِضًا مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْحَقِيقِيِّ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ مُعَارِضًا كَمَا جَعَلْنَا الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ مُعَارِضًا وَاحْتَجَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأَصْلِ بِأَنَّهُ صَبِيٌّ، وَقَدْ سَلَّطَهُ عَلَى الِاسْتِهْلَاكِ حِينَ دَفَعَهُ إلَيْهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي تَفْسِيرِ التَّسْلِيطِ نَوْعَانِ مِنْ الْكَلَامِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تَسْلِيطٌ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ فَإِنَّ عَادَةَ الصِّبْيَانِ إتْلَافُ الْمَالِ لِقِلَّةِ نَظَرِهِمْ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ فَهُوَ لَمَّا مَكَّنَهُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهِ يَصِيرُ كَالْآذِنِ لَهُ بِالْإِتْلَافِ وَبِقَوْلِهِ احْفَظْ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ آذِنًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُخَاطِبُ بِهَذَا مَنْ لَا يَحْفَظُ فَهُوَ كَمُقَدِّمِ الشَّعِيرِ بَيْنَ يَدَيْ الْحِمَارِ وَقَوْلُهُ لَهُ لَا تَأْكُلْ.

بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَادَةِ الصِّبْيَانِ الْقَتْلُ؛ لِأَنَّهُمْ يَهَابُونَ الْقَتْلَ وَيَفِرُّونَ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ إيدَاعُهُ تَسْلِيطًا عَلَى الْقَتْلِ بِاعْتِبَارِ عَادَتِهِمْ، وَهَذَا بِخِلَافِ الدَّوَابِّ فَإِنَّ مِنْ عَادَتِهِمْ إتْلَافُ الدَّوَابِّ رُكُوبًا فَيَثْبُتُ التَّسْلِيطُ فِي الدَّابَّةِ بِطَرِيقِ الْعَادَةِ وَالْأَصَحُّ أَنْ يَقُولَ مَعْنَى التَّسْلِيطِ تَحْوِيلُ يَدِهِ فِي الْمَالِ إلَيْهِ فَإِنَّ الْمَالِكَ بِاعْتِبَارِ يَدِهِ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ اسْتِهْلَاكِهِ فَإِذَا حَوَّلَ يَدَهُ إلَيْهِ كَانَ مُمَكِّنًا لَهُ مِنْ اسْتِهْلَاكِهِ بَالِغًا كَانَ الْمُودَعُ أَوْ صَبِيًّا إلَّا أَنَّهُ بِقَوْلِهِ احْفَظْ قَصَدَ أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّحْوِيلُ مَقْصُورًا عَلَى الْحِفْظِ، وَهَذَا صَحِيحٌ فِي حَقِّ الْبَالِغِ بَاطِلٌ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ بِالْعَقْدِ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ فَيَبْقَى التَّسْلِيطُ عَلَى الِاسْتِهْلَاكِ بِتَحْوِيلِ الْيَدِ إلَيْهِ مُطْلَقًا، فَإِنْ قِيلَ هَذَا تَسْلِيطٌ وَتَمْكِينٌ حِسِّيٌّ وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ التَّمْكِينُ شَرْعًا، وَذَلِكَ يَكُونُ بِالْمِلْكِ وَلَمْ يُوجَدْ قُلْنَا بِالتَّمْكِينِ وَالتَّسْلِيطِ حِسًّا يَحْصُلُ الرِّضَاءُ بِالْإِتْلَافِ، وَذَلِكَ كَافٍ، ثُمَّ نَقُولُ الْمَالِكُ تَمَكَّنَ بِيَدٍ حَقِيقَةً تَفَرَّعَتْ عَلَى الْمِلْكِ وَعَيْنُ مَا كَانَ يَتَمَكَّنُ بِهِ شَرْعًا نُقِلَتْ إلَى الْمُودَعِ وَالنَّقْلُ فِي الْمِلْكِ إنْ لَمْ يُوجَدْ فَفِي الْيَدِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ الْمِلْكِ قَدْ وُجِدَ وَالْيَدُ تَقْبَلُ الْفَصْلَ عَنْ الْمِلْكِ كَمِلْكِ الثَّمَرَةِ تَقْبَلُ الْفَصْلَ عَنْ مِلْكِ الشَّجَرَةِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْيَدَ الَّتِي كَانَتْ لِلْمَالِكِ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ يَتَمَكَّنُ مِنْهُ شَرْعًا بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ فَإِنَّ الْمَالِكَ بِاعْتِبَارِ يَدِهِ مَا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ قِبَلِ الْآدَمِيِّ فَتَحْوِيلُ الْيَدِ إلَيْهِ لَا يَكُونُ تَسْلِيطًا عَلَى قَتْلِهِ.

وَلِأَنَّ الْإِيدَاعَ مِنْ الْمَالِكِ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ وَالْمَمْلُوكُ فِي حُكْمِ الدَّمِ مُبْقًى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْإِيدَاعُ وَالتَّسْلِيطُ ثَبَتَ بِاعْتِبَارِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ اُقْتُلْ عَبْدِي فَقَتَلَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015