وَفِي ذِكْرِ الْعَوْدِ دُونَ الِانْتِهَاءِ إشَارَةٌ إلَى التَّحْلِيلِ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَطْءِ وَالنِّكَاحِ الَّذِي بِمَعْنَاهُ إلَى الْمَرْأَةِ وَلَوْ جَازَ أَنْ تُسَمَّى وَاطِئَةً بِالتَّمْكِينِ لَجَازَ أَنْ يُسَمَّى الْمَرْكُوبُ رَاكِبًا وَالْمَضْرُوبُ ضَارِبًا، وَهِيَ خِلَافُ اللُّغَةِ.
وَأَمَّا إضَافَةُ الزِّنَا إلَيْهَا، فَلَيْسَ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ بَلْ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلتَّمْكِينِ الْحَرَامِ مِنْ الْمَرْأَةِ كَمَا هُوَ اسْمٌ لِلْوَطْءِ الْحَرَامِ مِنْ الرَّجُلِ؛ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ نَفْيُ الزِّنَا عَنْهَا إذَا زَنَتْ كَمَا لَا يَصِحُّ نَفْيُ التَّمْكِينِ عَنْهَا، وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ النِّكَاحَ هَهُنَا بِمَعْنَى التَّمْكِينِ فَلَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَطْءِ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الزَّوْجِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَطْءُ مِنْ التَّمْكِينِ لَا مَحَالَةَ فَثَبَتَ أَنَّهُ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ، ثُمَّ فِي هَذَا الطَّرِيقِ إعْمَالُ السُّنَّةِ وَالْكِتَابِ جَمِيعًا فَكَانَ أَوْلَى مِمَّا قَالُوا؛ لِأَنَّ فِيهِ إعْمَالُ أَحَدِهِمَا وَفِيهِ عَمَلٌ بِالْحَقِيقَةِ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ إنَّمَا سُمِّيَ بِالنِّكَاحِ لِمَعْنَى الضَّمِّ وَفِي الْعَقْدِ ضَمُّ كَلَامٍ إلَى كَلَامٍ شَرْعًا، وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْخَ إنَّمَا اخْتَارَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ بَعْدَ كَوْنِهَا أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الْأُولَى؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ لَا يَتَّضِحُ إلَّا بِأَنْ يُجْعَلَ الْوَطْءُ مُثْبِتًا لِلْحِلِّ وَلَوْ ثَبَتَ الْوَطْءُ بِالْكِتَابِ كَمَا ذَكَرُوا لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ إذْ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَيَتَأَكَّدُ كَلَامُ الْخُصُومِ حِينَئِذٍ؛ وَإِنَّمَا ثَبَتَ الدُّخُولُ بِالسُّنَّةِ، وَهِيَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْكِتَابِ، وَالْمَرْأَةُ هِيَ تَمِيمَةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدٍ الْقُرَظِيَّةُ، وَقِيلَ عَائِشَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتِيكٍ النَّضِيرِيَّةُ، وَرِفَاعَةُ هُوَ ابْنُ وَهْبِ بْنِ عَتِيكٍ ابْنُ عَمِّهَا. وَقِيلَ ابْنُ سَمَوْأَلٍ،
وَالزَّبِيرُ بِفَتْحِ الزَّايِ لَا غَيْرُ وَاتِّهَامُهَا لَهُ بِالْعُنَّةِ قَوْلُهَا مَا مَعَهُ إلَّا مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا حَكَتْ امْرَأَةٌ عَنْ عِنِّينٍ فَقَالَتْ حَلَلْت مِنْهُ بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ، وَالْعُسَيْلَتَانِ كِنَايَتَانِ عَنْ الْعُضْوَيْنِ لِكَوْنِهِمَا مَظِنَّتِي الِالْتِذَاذِ. وَصُغِّرَتْ بِالْهَاءِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْعَسَلِ التَّأْنِيثُ؛ وَإِنْ كَانَ يُذَكَّرُ أَيْضًا، وَيُقَالُ إنَّمَا أَنَّثَ؛ لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْعَسَلَةُ، وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنْهُ كَمَا يُقَالُ لِلْقِطْعَةِ مِنْ الذَّهَبِ ذَهَبَةٌ، وَالتَّأْكِيدُ بِالتَّعَرُّضِ لِلْجَانِبَيْنِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي بَابِ التَّحْلِيلِ.
وَقَوْلُهُ تَذُوقِي وَيَذُوقَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الشِّبَعَ، وَهُوَ الْإِنْزَالُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَكَذَا التَّصْغِيرُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَدْرَ الْقَلِيلَ كَافٍ وَرَاوِي الْحَدِيثِ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وَكَذَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مِنْ غَيْرِ قِصَّةِ رِفَاعَةَ، وَفِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ أَنْ تَرْجِعِي مَقَامَ أَنْ تَعُودِي وَكِلَاهُمَا وَاحِدٌ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «أَنَّهَا جَاءَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَتْ كَانَ غَشِيَنِي فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَهَا كَذَبْت فِي قَوْلِك الْأَوَّلِ فَلَنْ أُصَدِّقَك فِي الْآخَرِ فَلَبِثَتْ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ثُمَّ أَتَتْ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَتْ: أَرْجِعُ إلَى زَوْجِي الْأَوَّلِ فَإِنَّ زَوْجِي الْآخَرَ قَدْ مَسَّنِي فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ عَهِدْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قَالَ لَك مَا قَالَ فَلَا تَرْجِعِي إلَيْهِ فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ أَتَتْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَالَ لَهَا لَئِنْ أَتَيْتنِي بَعْدَ مَرَّتِك هَذِهِ لَأَرْجُمَنَّكِ فَمَنَعَهَا» كَذَا فِي التَّيْسِيرِ
قَوْلُهُ (وَفِي ذِكْرِ الْعَوْدِ) إضَافَةُ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ أَيْ وَفِي ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ الْعَوْدَ وَتَرْكِهِ لَفْظَ الِانْتِهَاءِ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ الْكِتَابِ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ أَتُرِيدِينَ أَنْ تَنْتَهِيَ حُرْمَتُك إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ذَوْقَ الْعُسَيْلَةِ تَحْلِيلٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ عَنِيَ عَدَمَ الْعَوْدِ إلَى ذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ، فَإِذَا وُجِدَ الذَّوْقُ يَثْبُتُ الْعَوْدُ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ مَا بَعْدَ الْغَايَةِ يُخَالِفُ مَا قَبْلَهَا، وَهُوَ أَمْرٌ حَادِثٌ؛ لِأَنَّهُ