. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَشَّافِ وَالنَّظِيرِيِّ.
وَفِي تَاجِ الْمَصَادِرِ الْكِسْوَةُ بوشانيدن. وَذُكِرَ فِي التَّيْسِيرِ فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: 89] أَنَّ مَعْنَاهُ الْإِلْبَاسُ وَهِيَ مَصْدَرٌ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْفِعْلُ هَهُنَا مَنْصُوصًا عَلَيْهِ أَيْضًا وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَتَأَدَّ بِالْإِعَارَةِ فَكَذَا فِي الطَّعَامِ لَا يَتَأَدَّى بِالْإِبَاحَةِ.
قُلْنَا: إنْ ثَبَتَ هَذَا كَانَ هَذَا اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْإِلْبَاسِ وَاللِّبَاسِ وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ اللِّبَاسِ مُرَادًا مِنْهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ إلَّا التَّمْلِيكُ وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَصْدَرًا، فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَهُوَ دَفْعُ الْحَاجَةِ وَزَوَالُ مِلْكِ الْمُكَفِّرِ لَا يَحْصُلُ بِالْإِعَارَةِ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ عَلَى مَا بَيَّنَّا. وَهَذَا أَيْ الْإِطْعَامُ يُخَالِفُ الْكِسْوَةَ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ الضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى مَا مَعَ ذَلِكَ أَيْ مَعَ كَوْنِهِ جُزْءًا مِنْ الْجُمْلَةِ قَاصِرٌ عَنْ دَفْعِ حَاجَةِ الْمِسْكِينِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ مُنْقَضِيَةٌ أَيْ مُنْتَهِيَةٌ تَامَّةٌ قَبْلَ الْكَمَالِ أَيْ قَبْلَ كَمَالِ دَفْعِ الْحَاجَةِ وَحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ دَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَمَا لَبِسَهُ الْمِسْكِينُ يَوْمًا مَثَلًا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُنْتَهِيَةً مَعَ بَقَاءِ الْحَاجَةِ فَلَا يَجُوزُ تَعْدِيَةُ الْجَوَازَ مِنْ التَّمْلِيكِ إلَيْهَا فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَامِلَةً فِي دَفْعِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ التَّعْدِيَةُ لِكَوْنِهَا جُزْءًا مِنْ الْكُلِّ فَكَيْفَ إذَا كَانَتْ قَاصِرَةً.
بِخِلَافِ الْإِبَاحَةِ فِي الطَّعَامِ لِأَنَّهَا لَا تَتِمُّ، إلَّا بِالْأَكْلِ الَّذِي بِهِ يَتِمُّ دَفْعُ الْحَاجَةِ وَلَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِوَجْهٍ. فَهُمَا فِي طَرَفَيْ نَقِيضٍ، أَيْ الْإِعَارَةُ فِي الثَّوْبِ وَالْإِبَاحَةُ فِي الطَّعَامِ لَوْ كَانَتَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ لَكَانَتَا مُتَنَاقِضَتَيْنِ أَيْ مُخَالِفَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِبَاحَةَ فِي الطَّعَامِ كُلُّ الْمَنْصُوصِ وَالْإِعَارَةَ فِي الثَّوْبِ جُزْءُ الْمَنْصُوصِ وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ فِي أَحَدِهِمَا عَدَمُهُ فِي الْآخَرِ فَكَيْفَ إذَا كَانَتَا مُتَفَاوِتَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ كَمَالِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ فِي الْإِبَاحَةِ وَقُصُورِهِ فِي الْإِعَارَةِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا إلَى الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ أَيْ الْكِسْوَةِ تُخَالِفُ الْإِطْعَامَ مِنْ حَيْثُ أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ فِي الْكِسْوَةِ الْعَيْنُ وَفِي الْإِطْعَامِ الْفِعْلُ أَوْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُمْكِنُ إلْحَاقُ التَّمْلِيكِ بِالْإِبَاحَةِ فِي الْإِطْعَامِ وَلَا يُمْكِنُ عَكْسُهُ فِي الْكِسْوَةِ مَعَ التَّفَاوُتِ الَّذِي بَيَّنَّا أَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا يُؤَدِّي مَعْنَى التَّمْلِيكِ هَهُنَا وَالتَّمْلِيكُ يُؤَدِّي مَعْنَى الْإِبَاحَةِ هُنَاكَ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إلَى الْإِبَاحَةِ وَالتَّمْلِيكِ فِي الْكِسْوَةِ أَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُخَالِفٌ لِلْآخَرِ لَا مُوَافِقٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ كُلٌّ وَالْآخَرُ جُزْءٌ مَعَ التَّفَاوُتِ الَّذِي بَيَّنَّا مِنْ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالتَّمْلِيكِ دُونَ الْإِعَارَةِ بِخِلَافِ الطَّعَامِ لِأَنَّهُمَا فِيهِ مُتَوَافِقَانِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ مَعًا غَلَطًا. أَمَّا فِي الْفَرْعِ فَلِأَنَّهُ قَاسَ فِي الْمَحَلِّ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ عَلَى خِلَافِ مَا اقْتَضَاهُ النَّصُّ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَكُونَ الْفَرْعُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْكِسْوَةُ فَلِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ فِيهِ الْعَيْنُ دُونَ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ تَمْلِيكٌ وَإِنَّمَا ثَبَتَ التَّمْلِيكُ ضَرُورَةَ صَيْرُورَةِ الْعَيْنِ كَفَّارَةً وَتَعْدِيَةَ مَا لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ التَّمْلِيكُ إلَى الْفَرْعِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ غَيْرَ مُسْتَقِيمٍ فَكَانَ غَلَطًا، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي الْإِبَاحَةِ أَكْلَتَانِ مُشْبِعَتَانِ مِمَّا يَكُونُ مُعْتَادًا فِي كُلِّ مَوْضِعِ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ أَوْ الْغَدَاءَانِ أَوْ الْعَشَاءَانِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَاجَةُ الْيَوْمِ وَذَلِكَ بِالْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ عَادَةً. وَلِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] .
وَالْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ هُوَ