إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مَعْلُومًا فِي اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَيَصِحُّ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا أَوْجَبَ جَهَالَةً وَمُنَازَعَةً وَإِذَا كَانَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مَعْلُومًا لَمْ يُوجِبْ مُنَازَعَةً لَكِنَّهُ يُوجِبُ خَطَرًا فَاحْتُمِلَ فِي الثَّلَاثِ اسْتِحْسَانًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَفَاوِتٌ فَيَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مَعْلُومًا وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدَ الْأَثْوَابِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهَا شَاءَ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذِهِ الْجَهَالَةَ بَعْدَ تَعَيُّنِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ لَا يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ يَسْتَبِدُّ بِالتَّعْيِينِ فَلَا تَمْنَعُ جَوَازَ الْعَقْدِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَكِنْ بَقِيَ فِي هَذَا الْعَقْدِ مَعْنَى الْحَظْرِ لِتَرَدُّدِ عَاقِبَتِهِ إذْ يَحْتَمِلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّوْبَيْنِ أَنْ يَسْتَقِرَّ الْعَقْدُ فِيهِ وَأَنْ لَا يَسْتَقِرَّ وَالْحَظْرُ مُفْسِدٌ كَالشَّرْطِ فَلَمَّا اُحْتُمِلَ الشَّرْطُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فِي الْمَحَلِّ الْوَاحِدِ دَفْعًا لِلْحَاجَةِ يُتَحَمَّلُ الْحَظْرُ هَهُنَا أَيْضًا فِي الثَّلَاثَةِ اعْتِبَارًا لِلْمَحَلِّ بِالزَّمَانِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ مُتَحَقِّقَةٌ هَهُنَا أَيْضًا لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى اخْتِيَارِ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَوْ اخْتِيَارِ مَنْ يَشْتَرِيهِ لِأَجْلِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ مِنْ الْحَمْلِ إلَيْهِ إلَّا بِالتَّبَعِ فَكَانَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ وَلَمَّا لَمْ يُتَحَمَّلْ فِي الشَّرْطِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِمَا دُونَهُ غَالِبًا لَمْ يُتَحَمَّلْ هَهُنَا أَيْضًا فِي أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِمَا دُونَهُ إذْ الثَّلَاثَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى كُلِّ الْأَوْصَافِ جَيِّدٍ وَوَسَطٍ وَرَدِيءٍ فَيَصِيرُ الزِّيَادَةُ لَغْوًا وَصْفًا كَذَا فِي الْأَسْرَارِ فَإِنْ قِيلَ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ الْمُعَلَّقُ هُوَ الْحُكْمُ دُونَ الْعَقْدِ وَهَهُنَا الْمُعَلَّقُ نَفْسُ الْعَقْدِ وَهَذَا فَوْقَ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَجُوزُ الْإِلْحَاقُ بِهِ.
قُلْنَا نَعَمْ وَلَكِنَّ الْحُكْمَ ثَمَّةَ غَيْرُ ثَابِتٍ أَصْلًا وَهَهُنَا الْحُكْمُ ثَبَتَ فِي أَحَدِهِمَا نَكِرَةً فَفِي حَقِّ الْحُكْمِ تَأْثِيرُ شَرْطِ الْخِيَارِ أَكْثَرُ وَفِي حَقِّ الْعَقْدِ تَأْثِيرُ الشَّرْطِ هَهُنَا أَكْثَرُ فَاسْتَوَيَا فَجَازَ الْإِلْحَاقُ وَلَا يُقَالُ لَمَّا جَازَ خِيَارُ الشَّرْطِ عِنْدَهُمَا فِي أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَيْضًا لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُمَا إنَّمَا جَوَّزَا خِيَارَ الشَّرْطِ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ بِالْأَثَرِ غَيْرِ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَلَا يُمْكِنُ الْإِلْحَاقُ بِهِ.
وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مَعْلُومًا يُشِيرُ بِعُمُومِهِ إلَى ثُبُوتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ وَبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ فِي جَانِبِ الْمُشْتَرِي اعْتِبَارًا بِخِيَارِ الشَّرْطِ يَثْبُتُ فِي جَانِبِ الْبَائِعِ أَيْضًا اعْتِبَارًا بِهِ وَذَكَرَ فِي الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْجَوَازَ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَا هُوَ الْأَرْفَقُ بِحَضْرَةِ مَنْ يَقَعُ الشِّرَاءُ لَهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ فِي جَانِبِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ كَانَ مَعَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَتَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ إلَى فَصْلِ الْمَبِيعِ دُونَ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مَعْلُومًا فِي فَصْلِ الثَّمَنِ بِأَنْ قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا الثَّوْبَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ بِدِينَارٍ عَلَى أَنْ آخُذَ مِنْك أَيَّهمَا شِئْت أَوْ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ إلَيَّ أَيَّهمَا شِئْت لَا يَصِحُّ لِأَنَّ جَوَازَهُ ثَبَتَ إلْحَاقًا لَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي الْمَبِيعِ دُونَ الثَّمَنِ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ فِي الثَّمَنِ لَيْسَتْ مِثْلَ الْحَاجَةِ فِي الْمَبِيعِ فَيُرَدُّ إلَى الْقِيَاسِ
وَكَذَا حُكْمُ الْأُجْرَةِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَأَمَّا الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ فَمِثْلُ الْمَبِيعِ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ وَخِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارَ الْعَيْبِ تَجْرِي فِيهِ فَيَجْرِي خِيَارُ التَّعْيِينِ أَيْضًا وَذَكَرَ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ إجَارَاتِ الْمُحِيطِ الْأَصْلُ أَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا وَقَعَتْ عَلَى أَحَدِ شَيْئَيْنِ وَسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ أَجْرًا مَعْلُومًا بِأَنْ قَالَ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِخَمْسَةٍ أَوْ هَذِهِ الْأُخْرَى بِعَشَرَةٍ أَوْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ فِي حَانُوتَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ مَسَافَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ إلَى وَاسِطَ بِكَذَا أَوْ إلَى الْكُوفَةِ بِكَذَا فَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا.
وَكَذَا إذَا خَيَّرَهُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ