. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهَا إذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي الْإِنْشَاءِ لَا تُؤَدِّي مَعْنَى الشَّكِّ أَصْلًا مَعَ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِيهِ لَا مَجَازٌ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الْحَقِيقَةَ لَا تَخْلُو عَنْ مَوْضُوعِهِ الْأَصْلِيِّ فَثَبَتَ أَنَّهَا لَمْ تُوضَعْ لِلتَّشْكِيكِ وَكَذَا التَّخْيِيرُ يَثْبُتُ بِمَحَلِّ الْكَلَامِ أَيْضًا لِأَنَّهَا إذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي الِابْتِدَاءِ كَقَوْلِك اضْرِبْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا تَنَاوَلْت أَحَدَهُمَا غَيْرَ عَيْنٍ وَالْأَمْرُ لِلِائْتِمَارِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الِائْتِمَارُ بِإِيقَاعِ الْفِعْلِ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ فَيَثْبُتُ التَّخْيِيرُ ضَرُورَةَ التَّمَكُّنِ مِنْ الِائْتِمَارِ وَلِهَذَا لَوْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا قَوْلًا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هِيَ فِي حَقِّ الْفِعْلِ وَكَذَا إذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي الْإِنْشَاءِ كَقَوْلِهِ هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا.

وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ الشَّيْخَيْنِ مَا ذُكِرَ فِي الْمُفَصَّلِ أَنَّ (أَوْ) وَ (أَمْ) وَأَمَّا ثَلَاثَتُهَا لِتَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِأَحَدِ الْمَذْكُورِينَ إلَّا أَنَّ (أَوْ) وَ (أَمَّا) يَقَعَانِ فِي الْخَبَرِ وَالْأَمْرِ وَالِاسْتِفْهَامِ وَ (أَمْ) لَا يَقَعُ إلَّا فِي الِاسْتِفْهَامِ إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً إلَى آخِرِهِ وَمَا ذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ فِي الْإِيضَاحِ أَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَوْ الْأَشْيَاءِ فِي الْخَبَرِ وَغَيْرِهِ تَقُولُ كُلْ السَّمَكَ أَوْ اشْرَبْ اللَّبَنَ أَيْ افْعَلْ أَحَدَهُمَا وَلَا تَجْمَعْ بَيْنَهُمَا وَمَا ذَكَرَ عَبْدُ الْقَاهِرِ فِي التَّلْخِيصِ أَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَوْ الْأَشْيَاءِ بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّك تَقُولُ جَاءَنِي زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى أَنَّك أَثْبَتّ الْمَجِيءَ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ فَهَذَا أَصْلُهُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْكَلَامُ خَبَرًا كَانَتْ أَوْ لِلشَّكِّ كَمَا رَأَيْت وَإِنْ كَانَ أَمْرًا كَانَتْ لِلتَّخْيِيرِ كَقَوْلِك اضْرِبْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا فَقَدْ أَمَرْته بِأَنْ يَضْرِبَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ خَيَّرْته فِي ذَلِكَ فَأَيُّهُمَا ضَرَبَ كَانَ مُطِيعًا وَمَا ذَكَرَ أَيْضًا فِي الْمُقْتَصِدِ أَنَّ أَوْ لَهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا الشَّكُّ نَحْوُ قَوْلِهِ ضَرَبْت زَيْدًا أَوْ عَمْرًا أَرَدْت أَنْ تُخْبِرَ بِضَرْبِك زَيْدًا فَاعْتَرَضَك شَكٌّ صَوَّرْت لَهُ أَنْ تَكُونَ ضَرَبْت عَمْرًا فَأَثْبَتَّ بِأَوْ وَعَطَفْتَ عَمْرًا عَلَى زَيْدٍ فَصَارَ كَلَامُك مُفِيدًا أَنَّك ضَرَبْت وَاحِدًا مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي التَّخْيِيرُ كَقَوْلِك اضْرِبْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا فَقَدْ أَمَرْته بِضَرْبِ أَحَدِهِمَا بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَضْرِبَهُمَا مَعًا فَلَيْسَ فِي هَذَا شَكٌّ وَإِنَّمَا هُوَ تَخْيِيرٌ أَلَا تَرَى أَنَّ الْآمِرَ إذَا قَالَ اضْرِبْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَيْءٌ مَوْجُودٌ قَدْ شَكَّ فِيهِ كَمَا يَكُونُ فِي الْخَبَرِ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ الْإِبَاحَةُ نَحْوَ قَوْلِهِمْ جَالِسْ الْحَسَنَ أَوْ ابْنَ سِيرِينَ فَهَذَا يُشْبِهُ التَّخْيِيرَ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ أَنَّهُ جَالَسَ أَحَدَهُمَا كَانَ مُطِيعًا وَيُفَارِقُهُ مِنْ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ جَالَسَهُمَا مَعًا كَانَ جَائِزًا.

وَلَوْ قُلْت اضْرِبْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا فَضَرَبَهُمَا جَمِيعًا لَمْ يَجُزْ قَالَ وَلَمَّا كَانَ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَوْ الْأَشْيَاءِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا قَالُوا زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو قَامَ وَلَمْ يَقُولُوا قَامَا لِأَنَّ الْمَعْنَى أَحَدُهُمَا قَامَ فَإِنْ قِيلَ أَوَّلُ هَذَا الْكَلَامِ يُؤَيِّدُ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلَ وَكَذَا مَا ذَكَرْنَا فِي الْمُفَصَّلِ وَيُقَالُ فِي أَوْ وَأَمَّا فِي الْخَبَرِ أَنَّهُمَا لِلشَّكِّ وَفِي الْأَمْرِ أَنَّهُمَا لِلتَّخْيِيرِ وَالْإِبَاحَةِ وَمَا ذُكِرَ فِي الْمِفْتَاحِ أَنَّ أَوْ فِي الْخَبَرِ لِلشَّكِّ وَفِي الْأَمْرِ لِلتَّخْيِيرِ وَهُوَ الِامْتِنَاعُ عَنْ الْجَمْعِ أَوْ الْإِبَاحَةِ وَهِيَ تَجْوِيزُ الْجَمْعِ وَفِي الِاسْتِفْهَامِ لِأَحَدِ مَا يُذْكَرُ لَا عَلَى التَّعْيِينِ قُلْنَا هَذَا مِنْهُمْ تَسَامُحٌ فِي الْعِبَارَةِ وَبَيَانٌ لِمَوَاضِعِ الِاسْتِعْمَالِ وَتَقْسِيمٌ لَهُ بِحَسَبِ الْعَوَارِضِ وَالتَّحْقِيقُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَرَأَيْت فِي كِتَابِ بَيَانِ حَقَائِقِ الْحُرُوفِ أَنَّ مَعْنَى أَوْ إثْبَاتُ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَوْ الْأَشْيَاءِ مُبْهَمًا مَعَ إفْرَادِهِ عَنْ غَيْرِهِ فِي الْمَعْنَى بِلَا تَرْتِيبٍ لِأَنَّهَا فِي حُرُوفِ الْعَطْفِ بِمَنْزِلَةِ الْوَاوِ وَفِي أَنَّهَا لَا تُرَتِّبُ إلَّا أَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ وَأَوْ لِلْإِفْرَادِ وَهِيَ تَجِيءُ عَلَى سِتَّةِ أَوْجُهٍ إبْهَامُ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَوْ الْأَشْيَاءِ وَالشَّكُّ وَالتَّخْيِيرُ وَالْإِبَاحَةُ وَالتَّفْصِيلُ وَمَعْنَى الْإِفْرَادِ فَقَطْ، وَبِمَعْنَى إلَّا أَنَّ.

وَالْأَصْلُ فِي الْجَمِيعِ هُوَ الْأَوَّلُ فَقَطْ لِرُجُوعِهَا فِي الْجَمِيعِ إلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015