. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْوَقْفُ وَاجِبٌ فِي كُلِّ عَامٍّ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ) يَعْنِي عَلَى الْعُمُومِ أَوْ الْخُصُوصِ وَيُسَمَّوْنَ الْوَاقِفِيَّةَ وَقَدْ تَحَزَّبُوا فِرَقًا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَيْسَ فِي اللُّغَةِ صِيغَةٌ مُبَيِّنَةٌ لِلْعُمُومِ خَاصَّةٌ لَا تَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَالْأَلْفَاظُ الَّتِي ادَّعَاهَا أَرْبَابُ الْعُمُومِ أَنَّهَا عَامَّةٌ لَا تُفِيدُ عُمُومًا وَلَا خُصُوصًا بَلْ هِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا أَوْ مُجْمَلَةٌ فَيَتَوَقَّفُ فِي حَقِّ الْعَمَلِ وَالِاعْتِقَادِ جَمِيعًا إلَّا أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى الْمُرَادِ كَمَا يُتَوَقَّفُ فِي الْمُشْتَرَكِ أَوْ كَمَا يُتَوَقَّفُ فِي الْمُجْمَلِ.
وَالْخَبَرُ وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَهُوَ مَذْهَبُ عَامَّةِ الْأَشْعَرِيَّةِ وَعَامَّةِ الْمُرْجِئَةِ وَإِلَيْهِ مَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْبَرْدَعِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَثْبُتُ بِهِ أَخَصُّ الْخُصُوصِ وَهُوَ الْوَاحِدُ فِي اسْمِ الْجِنْسِ وَالثَّلَاثَةُ فِي صِيغَةِ الْجَمْعِ وَيَتَوَقَّفُ فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ وَيُسَمَّوْنَ أَصْحَابَ الْخُصُوصِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَبُو عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَقَّفَ فِي حَقِّ الْكُلِّ فِي حَقِّ الِاعْتِقَادِ دُونَ الْعَمَلِ فَقَالُوا يَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ عَلَى الْإِبْهَامِ أَنَّ مَا أَرَادَ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فَهُوَ حَقٌّ وَلَكِنَّهُ يُوجِبُ الْعَمَلَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ رَئِيسُهُمْ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْخَبَرِ وَبَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَتَوَقَّفَ فِي الْخَبَرِ وَأَجْرَى الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ عَلَى الْعُمُومِ وَهَذَا قَوْلٌ حَكَاهُ أَبُو الطَّيِّبِ بْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَقَّفَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَأَجْرَى الْأَخْبَارَ عَلَى ظَوَاهِرِهَا فِي الْعُمُومِ فَعِنْدَ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِعَامٍّ أَصْلًا وَكَذَا عِنْدَ الْفَرِيقِ الثَّانِي فِيمَا وَرَاءَ أَخَصِّ الْخُصُوصِ وَعِنْدَ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِظَوَاهِر الْعُمُومَاتِ فِي الْأَحْكَامِ لَا فِي الِاعْتِقَادَاتِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْعَمَلُ وَهِيَ تُوجِبُ الْعَمَلَ وَكَذَا إذَا قَالَ عَلَيَّ دَرَاهِمُ لِفُلَانٍ فَعِنْدَ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ وَالرَّابِعِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ الْبَيَانِ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ شَيْءٌ وَعِنْدَ الْفَرِيقِ الثَّانِي يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهَا أَخَصُّ الْخُصُوصِ وَكَذَا عِنْدَ الْفَرِيقِ الْخَامِسِ وَأَرْبَابِ الْعُمُومِ أَيْضًا، لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْعُمُومِ هَهُنَا مُتَعَذِّرٌ فَيُصَارُ إلَى أَخَصِّ الْخُصُوصِ ثُمَّ لَمَّا كَانَ وُجُوبُ التَّوَقُّفِ عِنْدَ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ لِلْإِجْمَالِ أَوْ لِلِاشْتِرَاكِ أَشَارَ الشَّيْخُ فِي بَيَانِ شُبْهَتِهِمْ إلَى الْمَعْنَيَيْنِ.
فَأَشَارَ إلَى الْإِجْمَالِ بِقَوْلِهِ اللَّفْظُ مُجْمَلٌ فِيمَا أُرِيدَ بِهِ أَيْ فِي مَعْرِفَةِ الْمُرَادِ بِهِ حَقِيقَةً لِأَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ لَيْسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْعُمُومِ وَشَرَائِطِهِ عِنْدَكُمْ عَلَى مَا مَرَّ ذِكْرُهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ يَسْتَقِيمُ أَنْ يُقْرَنَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ وَالتَّفْسِيرِ مَا يُوجِبُ عُمُومَ الصِّيغَةِ وَإِحَاطَتَهَا لِلْجَمِيعِ فَيُقَالُ جَاءَنِي الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَأَجْمَعُونَ، وَلَوْ كَانَ الْعُمُومُ وَالْإِحَاطَةُ مُوجَبَ اللَّفْظِ لَمْ يَسْتَقِمْ تَفْسِيرُهُ بِمَا هُوَ عَيْنُ مُوجَبِهِ كَالْخَاصِّ لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يُقْرَنَ بِهِ مَا هُوَ بَيَانُ مُوجِبِهِ بِأَنْ يُقَالَ جَاءَنِي زَيْدٌ كُلُّهُ أَوْ جَمِيعُهُ وَلَمَّا اسْتَقَامَ ذَلِكَ عَرَفْنَا أَنَّهُ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْإِحَاطَةِ بِنَفْسِهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْبَعْضُ مُرَادًا مِنْهُ لَا مَحَالَةَ وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِأَنَّ أَعْدَادَ الْجَمْعِ مُخْتَلِفَةٌ وَلَيْسَ بَعْضُهَا أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ لِاسْتِوَاءِ الْكُلِّ فِي مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ فَلَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِالتَّأَمُّلِ فِي صِيغَةِ اللَّفْظِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُجْمَلِ فَيَجِبُ التَّوَقُّفُ فِيهِ وَحَاصِلُ الْفَرْقِ أَنَّ قَوْلَهُ جَاءَنِي زَيْدٌ مَوْضُوعُهُ الْأَصْلِيُّ مَعْلُومٌ لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ أَيْضًا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ وَهُوَ مَجِيءُ الْخَبَرِ أَوْ الْكِتَابِ، أَمَّا الْمَوْضُوعُ الْأَصْلِيُّ فِي الْعَامِّ فَالْجَمْعُ وَذَلِكَ يُوجَدُ