وَأَمَّا الْقِسْمُ الصَّحِيحُ فَوَجْهَانِ الْمُمَانَعَةُ وَالْمُعَارَضَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّأْثِيرِ فَأَمَّا السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا اخْتَارَهُ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ الَّذِينَ لَا حَظَّ لَهُمْ فِي الْفِقْهِ.
وَكَذَا مَا ذَكَرُوا مِنْ اعْتِنَاءِ السَّلَفِ بِالْفَرْقِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ لَمْ يُنْقَلْ الْمُفَارَقَةُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَخُوضُ فِيهِ عَنْهُمْ أَصْلًا. وَمَنْ تَأَمَّلَ فِيمَا نُقِلَ عَنْهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَطْلُبُونَ الْمَعَانِيَ الْمُؤَثِّرَةَ، وَمَا ذَكَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي قِصَّةِ الْإِجْهَاضِ مَعْنًى صَحِيحٌ، وَاَلَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعْنًى أَلْطَفُ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ جَائِزَ الْإِتْيَانِ بِهِ وَالتَّرْكِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى حَدٍّ مَضْبُوطٍ فِي الشَّرْعِ، وَمِثْلُهُ مُطْلَقٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَالْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ الْفَرْقِ وَالْجَمْعِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ بِوَجْهٍ. وَمَا ذَكَرُوا مِنْ ظُهُورِ فِقْهٍ إلَى آخِرِهِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُفَاقَهَةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فِي الْمُمَانَعَةِ دُونَ الْمُفَارَقَةِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ النَّاسِ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمُفَارَقَةَ مُفَاقَهَةٌ، وَلَعَمْرِي الْمُفَارَقَةُ مُفَاقَهَةٌ، وَلَكِنْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بَلْ الِاعْتِرَاضُ بِهَا عَلَى الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ مُجَادَلَةٌ لَا فَائِدَةَ فِيهَا فِي مَوْضِعِ النِّزَاعِ، وَإِنَّمَا الْمُفَاقَهَةُ فِي الْمُمَانَعَةِ حَتَّى يُبَيِّنَ الْمُجِيبُ تَأْثِيرَ عِلَّتِهِ فَالْفِقْهُ حِكْمَةٌ بَاطِنَةٌ، وَمَا يَكُونُ مُؤَثِّرًا فِي إثْبَاتِ الْحُكْمِ شَرْعًا فَهُوَ الْحِكْمَةُ الْبَاطِنَةُ فَالْمُطَالَبَةُ بِهِ تَكُونُ مُفَاقَهَةً فَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ عَنْهَا وَالِاشْتِغَالُ بِالْفَرْقِ فَيَكُونُ قَبُولًا لِمَا فِيهِ احْتِمَالُ أَنْ لَا يَكُونَ حُجَّةً لِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ وَاشْتِغَالًا لَا بِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ بِمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ أَصْلًا فِي مَوْضِعِ النِّزَاعِ، وَهُوَ عَدَمُ الْعِلَّةِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمُفَاقَهَةِ فِي شَيْءٍ.