وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الشَّرْطِ فَمِثْلُ اخْتِلَافِهِمْ فِي شَرْطِ التَّسْمِيَةِ فِي الذَّبِيحَةِ وَمِثْلُ صَوْمِ الِاعْتِكَافِ وَمِثْلُ الشُّهُودِ فِي النِّكَاحِ وَمِثْلُ شَرْطِ النِّكَاحِ لِصِحَّةِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالِاخْتِلَافُ فِي صِفَتِهِ مِثْلُ صِفَةِ الشُّهُودِ فِي النِّكَاحِ رِجَالٌ أَمْ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُدُولٌ لَا مَحَالَةَ أَمْ شُهُودٌ مَوْصُوفُونَ بِكُلِّ وَصْفٍ وَكَقَوْلِنَا: إنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ بِغَيْرِ نِيَّةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] الْآيَةَ.
وَبِالِاسْتِدْلَالِ فَإِنَّ الزِّنَا سَبَبٌ لِلْوَلَدِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي اسْتِحْقَاقِ هَذِهِ الْحُرْمَةِ مِثْلُ الْوَطْءِ الْحَلَالِ فَيَلْحَقُ بِهِ الدَّلَالَةُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي آخِرِ بَابِ النَّهْيِ وَمِثْلُ اخْتِلَافِهِمْ فِي صِفَةِ الْقَتْلِ الْمُوجِبِ لِلْكَفَّارَةِ أَنَّهُ سَبَبٌ بِصِفَةِ أَنَّهُ حَرَامٌ أَمْ بِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْوَصْفَيْنِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ سَبَبٌ بِصِفَةِ أَنَّهُ حَرَامٌ فَيَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي الْعَمْدِ كَمَا يَجِبُ فِي الْخَطَأِ وَعِنْدَنَا هُوَ سَبَبٌ بِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْوَصْفَيْنِ فَلَا تَجِبُ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ فَيَتَكَلَّمُ فِيهِ بِالدَّلَالَةِ لَا بِالْقِيَاسِ وَفِي صِفَةِ الْيَمِينِ الْمُوجِبَةِ لِكَفَّارَةٍ أَنَّهَا سَبَبٌ بِصِفَةِ الْعَقْدِ أَمْ بِصِفَةِ الْقَصْدِ فَعِنْدَهُ هِيَ سَبَبٌ بِصِفَةِ الْقَصْدِ فَيَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي الْغَمُوسِ كَمَا فِي الْمَعْقُودَةِ، وَعِنْدَنَا هِيَ سَبَبٌ بِصِفَةِ أَنَّهَا مَعْقُودَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى وَصْفَيْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ فَلَا تَجِبُ فِي الْغَمُوسِ؛ لِأَنَّهَا حَرَامٌ مَحْضٌ فَيَتَكَلَّمُ فِي ذَلِكَ بِالِاسْتِدْلَالِ لَا بِالْقِيَاسِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّهُ مَحْظُورٌ مَحْضٌ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَا حَرُمَ الْفِطْرُ لِمَعْنًى فِي عَيْنِهِ بَلْ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ لَيْسَ إلَّا تَرْكَ الْإِمْسَاكِ وَالْإِمْسَاكُ فِعْلُهُ فَكَانَ تَرْكُهُ وَإِبْطَالُهُ مَمْلُوكًا لَهُ لَكِنَّ الْحُرْمَةَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ حَقَّ الْغَيْرِ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِمْسَاكِ هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَصَارَ التَّرْكُ وَالْإِبْطَالُ حَرَامًا لِغَيْرِهِ لَا لِعَيْنِهِ فَكَانَ نَظِيرَ إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ فَلَمْ يَكُنْ عُدْوَانًا مَحْضًا بَلْ هُوَ دَائِرٌ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ فَيَصْلُحُ سَبَبًا لِلْكَفَّارَةِ، وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي بَابِ الْوُقُوفِ عَلَى أَحْكَامِ النَّظْمِ.
قَوْلُهُ (وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الشَّرْطِ فَمِثْلُ اخْتِلَافِهِمْ فِي) (شَرْطِ التَّسْمِيَةِ) أَيْ اشْتِرَاطِهَا لِحِلِّ الذَّبِيحَةِ فَعِنْدَنَا هِيَ شَرْطٌ فَلَمْ يَحِلَّ مَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا وَعِنْدَهُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ بَلْ الشَّرْطُ الْمِلَّةُ لَا غَيْرُ، وَمِثْلُ صَوْمِ الِاعْتِكَافِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ عِنْدَنَا، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَهُ وَمِثْلُ الشُّهُودِ فِي النِّكَاحِ شَرْطٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَعِنْدَ مَالِكٍ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ بَلْ الشَّرْطُ هُوَ الْإِعْلَامُ وَمِثْلُ شَرْطِ النِّكَاحِ لِصِحَّةِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ عِنْدَهُ قِيَامُ مِلْكِ النِّكَاحِ شَرْطٌ لِنُفُوذِ الطَّلَاقِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْعِدَّةِ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْعِدَّةِ إذَا انْقَطَعَ الْمِلْكُ بِالْبَيْنُونَةِ وَعِنْدَنَا شَرْطُ النُّفُوذِ إمَّا النِّكَاحُ أَوْ الْعِدَّةُ فَتَبْقَى الْمَرْأَةُ مَحَلًّا لِصَرِيحِ الطَّلَاقِ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ مَا دَامَتْ تَحِلُّ لَهُ عَقَدَ أَوْ لَمْ تَصِرْ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ كَمَا كَانَتْ مَحَلًّا عِنْدَ قِيَامِ النِّكَاحِ وَفِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ تَبْقَى مَحَلًّا بِالِاتِّفَاقِ لِبَقَاءِ الْحِلِّ عِنْدَنَا وَلِبَقَاءِ أَصْلِ الْمِلْكِ عِنْدَهُ؛ وَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَدْرِكَ مَا فَاتَهُ مِنْ الْحِلِّ بِالرَّجْعَةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَرِضَاءِ وَلِيِّهَا وَبِغَيْرِ مَهْرٍ.
وَكَذَا بِغَيْرِ شُهُودٍ فِي قَوْلٍ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ النِّكَاحَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ فَإِنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمِلْكِ بَاطِلٌ عِنْدَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ فِي بَعْضِ نُسَخِ أُصُولِ الْفِقْهِ وَكَذَلِكَ عَلَّلَ الشَّافِعِيُّ لِإِثْبَاتِ مِلْكِ النِّكَاحِ شَرْطًا لِانْعِقَادِ الْيَمِينِ بِالْإِطْلَاقِ وَلَكِنْ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي التَّقْوِيمِ وَالْأَسْرَارِ فَهَذِهِ شُرُوطٌ لَا طَرِيقَ إلَى نَفْيِهَا وَإِثْبَاتِهَا ابْتِدَاءً بِالتَّعْلِيلِ بَلْ السَّبِيلُ فِيهَا الرُّجُوعُ إلَى النُّصُوصِ وَإِشَارَتِهَا وَدَلَالَاتِهَا فَفِي اشْتِرَاطِ التَّسْمِيَةِ يُتَمَسَّكُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] وَفِي اشْتِرَاطِ الصَّوْمِ لِلِاعْتِكَافِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ بِقَوْلِ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِالصَّوْمِ.
وَفِي اشْتِرَاطِ الشُّهُودِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -