وَأَمَّا الَّذِي لَا يَسْتَقِلُّ إلَّا بِوَصْفٍ يَقَعُ بِهِ الْفَرْقُ فَبَاطِلٌ مِثْلُ قَوْلِ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي مَسِّ الذَّكَرِ إنَّهُ حَدَثٌ لِأَنَّهُ مَسُّ الْفَرْجِ فَكَانَ حَدَثًا كَمَا إذَا مَسَّهُ، وَهُوَ يَبُولُ وَلَيْسَ هَذَا بِتَعْلِيلٍ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا وَلَا رُجُوعًا إلَى أَصْلٍ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ هَذَا مُكَاتَبٌ فَلَا يَصِحُّ التَّكْفِيرُ بِإِعْتَاقِهِ كَمَا إذَا أَدَّى بَعْضَ الْبَدَلِ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ بَعْضَ الْبَدَلِ عِوَضٌ مَانِعٌ عِنْدَنَا فَلَا يَبْقَى إلَّا الدَّعْوَى.
وَأَمَّا الَّذِي يَكُونُ مُخْتَلِفًا فَمِثْلُ قَوْلِهِمْ فِيمَنْ مَلَكَ أَخَاهُ أَنَّهُ شَخْصٌ يَصِحُّ التَّكْفِيرُ بِإِعْتَاقِهِ فَلَا يُعْتَقُ فِي الْمِلْكِ كَابْنِ الْعَمِّ وَقَوْلُهُمْ فِي الْكِتَابَةِ الْحَالَّةِ إنَّهُ عَقْدُ كِتَابَةٍ لَا يَمْنَعُ مِنْ التَّكْفِيرِ فَكَانَ فَاسِدًا كَالْكِتَابَةِ بِالْخَمْرِ وَهَذَا فِي نِهَايَةِ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ ظَاهِرٌ فَلَا يَبْقَى وَصْفٌ أَصْلًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى السَّبَبِ وَمَا قَالَهُ زُفَرُ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِلشَّكِّ؛ لِأَنَّ مَا دَخَلَ مِنْ الْغَايَاتِ فِي الْمُغَيَّا دَخَلَ بِدَلِيلٍ وَمَا لَمْ يَدْخُلْ لَمْ يَدْخُلْ بِدَلِيلٍ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَعَارُضًا فِي الْمُرْفَقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ دَلِيلُ الدُّخُولِ وَعَدَمُ الدُّخُولِ فِي نَفْسِ الْمُرْفَقِ وَمِنْ شَرْطِ التَّعَارُضِ اتِّحَادُ الْمَحَلِّ فَلَا يَكُونُ الدُّخُولُ فِي مَحَلٍّ وَعَدَمُ الدُّخُولِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ تَعَارُضًا فِيهِ فَلَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِلشَّكِّ بِخِلَافِ سُؤْرِ الْحِمَارِ لِأَنَّ التَّعَارُضَ فِي الدَّلِيلَيْنِ ثَبَتَ فِي نَفْسِ السُّؤْرِ أَحَدُهُمَا يُوجِبُ نَجَاسَتَهُ وَالْآخَرُ يُوجِبُ طَهَارَتَهُ فَيَصْلُحُ سَبَبًا لِلشَّكِّ عِنْدَ تَعَذُّرِ التَّرْجِيحِ كَذَلِكَ هَاهُنَا.
قَوْلُهُ (وَأَمَّا الَّذِي لَا يَسْتَقِلُّ أَيْ الِاحْتِجَاجُ) بِالْوَصْفِ الَّذِي لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ فِي إثْبَاتِ الْحُكْمِ بَلْ يَنْضَمُّ إلَيْهِ وَصْفٌ آخَرُ يَقَعُ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ بَاطِلٌ مِثْلُ قَوْلِ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مِمَّنْ لَمْ يَشَمَّ رَائِحَةَ الْفِقْهِ فِي مَسْأَلَةِ مَسِّ الذَّكَرِ: إنَّهُ حَدَثٌ؛ لِأَنَّهُ مَسُّ الْفَرْجَ فَكَانَ حَدَثًا كَمَا إذَا مَسَّهُ، وَهُوَ يَبُولُ فَهَذَا الْقِيَاسُ لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا بِزِيَادَةِ وَصْفٍ فِي الْأَصْلِ بِهِ يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ وَبِهِ يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَسَّ الْفَرْجَ مُتَعَلِّقٌ بِالْبَوْلِ وَمَعْمُولُهُ وَهَذَا أَيْ التَّعْلِيلُ بِمِثْلِ هَذَا الْوَصْفِ لَيْسَ بِتَعْلِيلٍ لَا ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مُوَافَقَةِ تَعْلِيلَاتِ السَّلَفِ وَلَا بَاطِنًا لِأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِمَسِّ الْفَرْجِ فِي انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ لَا أُبَالِي أَمَسِسْت ذَكَرِي أَمْ أَنْفِي.
وَقِيلَ لَا ظَاهِرًا أَيْ لَا قِيَاسًا جَلِيًّا وَلَا بَاطِنًا أَيْ لَا قِيَاسًا خَفِيًّا يَعْنِي لَيْسَ هَذَا بِقِيَاسٍ وَلَا اسْتِحْسَانٍ وَلَا رُجُوعًا إلَى أَصْلٍ أَيْ مَقِيسٍ عَلَيْهِ يَعْنِي هَذَا قِيَاسٌ بِلَا مَقِيسٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ مَسَّ الذَّكَرِ مَقِيسًا وَجَعَلَ مَسَّهُ مَعَ وَصْفٍ آخَرَ مَقِيسًا عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْفَرْقَ بِهَذَا الْوَصْفِ يَقَعُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ عِلَّةٌ تَامَّةٌ لِلِانْتِقَاضِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْفَرْعِ لَمْ يُعْتَبَرْ انْضِمَامُهُ إلَيْهِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا قِيَاسُ مَسِّ الذَّكَرِ عَلَى مَسِّ الذَّكَرِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْأَصْلِ الَّذِي يُلْحِقُ الْفَرْعَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ أَيْ وَمِثْلُ قَوْلِهِمْ فِي مَسِّ الذَّكَرِ قَوْلُهُمْ فِي عَدَمِ جَوَازِ إعْتَاقِ الْمُكَاتَبِ الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا مِنْ بَدَلِ كِتَابَتِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ هَذَا مُكَاتَبٌ فَلَا يَصِحُّ التَّكْفِيرُ بِإِعْتَاقِهِ كَمَا لَوْ أَدَّى بَعْضَ بَدَلِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ بِهَذَا الْوَصْفِ، وَهُوَ أَدَاءُ بَعْضِ الْبَدَلِ يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى مِنْ الْبَدَلِ يَكُونُ عِوَضًا، وَالْعِوَضُ فِي الْإِعْتَاقِ مَانِعٌ مِنْ جَوَازِ التَّكْفِيرِ وَلَمْ يُوجَدْ هَذَا الْمَانِعُ فِي الْفَرْعِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ بِتَحْرِيرِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ وَهُوَ دَعْوًى بِلَا دَلِيلٍ فَيَكُونُ بَاطِلًا.
قَوْلُهُ (وَأَمَّا الَّذِي يَكُونُ مُخْتَلِفًا) أَيْ الِاحْتِجَاجُ بِالْوَصْفِ الَّذِي يَكُونُ مُخْتَلِفًا فِيهِ فَكَذَلِكَ إذَا مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْقَرَابَةُ قَرَابَةَ وِلَادٍ أَوَلَمْ تَكُنْ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَخْتَصُّ هَذَا الْحُكْمُ بِقَرَابَةِ الْوِلَادِ فَلَا يَثْبُتُ الْعِتْقُ فِي بَنِي الْأَعْمَامِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ بِالْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ الْوِلَادِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ وَيَثْبُتُ فِي الْوَالِدِينَ وَالْمَوْلُودِينَ بِالْإِجْمَاعِ لِوُجُودِ الْمَعْنَيَيْنِ وَتَثْبُتُ فِي الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ عِنْدَنَا لِوُجُودِ الْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ لِلنِّكَاحِ وَلَا يَثْبُتُ عِنْدَهُ لِعَدَمِ الْوِلَادِ، ثُمَّ إنَّهُ إذَا اشْتَرَى قَرِيبَهُ الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِثْلُ الْأَبِ وَالِابْنِ نَاوِيًا عَنْ الْكَفَّارَةِ يَصِحُّ وَيَخْرُجُ بِهِ عَنْ عُهْدَةِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَهُ لَا يَصِحُّ التَّكَفُّرُ بِهِ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ فَإِذَا عَلَّلَ فِي أَنَّ الْأَخَ لَا يَعْتِقُ عَلَى أَخِيهِ بِالْمِلْكِ بِأَنَّهُ شَخْصٌ يَصِحُّ التَّكْفِيرُ بِإِعْتَاقِهِ فَلَا يَعْتِقُ بِالْمِلْكِ كَابْنِ الْعَمِّ وَعَكْسُهُ الْأَبُ كَانَ هَذَا تَعْلِيلًا بِوَصْفٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْقَرِيبِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا عِنْدَ وُجُودِ الْمِلْكِ تَتَأَدَّى بِهِ