سَنَةً أَوْ شَهْرًا أَوْ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً أَوْ رَآهُ فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، نَقَلَهُ عَنْهُمْ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا رَدًّا عَلَى الْمُبْتَدِعَةِ الَّذِينَ يُوَالُونَ الْآلُ دُونَ الصَّحْبِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ يُوَالُونَهُمَا وَقَدَّمَ الْآلُ لِلْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ فِي حَدِيثِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ (أَجْمَعِينَ) تَأْكِيدٌ لِلْآلِ وَالصَّحْبِ لِإِفَادَةِ الْإِحَاطَةِ وَالشُّمُولِ (وَتَابِعِيهِمْ) أَيْ تَابِعِي الصَّحْبِ، يُقَالُ: تَبَعَهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَسَلَّمَ إذَا مَشَى خَلْفَهُ وَأَمَرَ بِهِ فَمَضَى مَعَهُ (بِإِحْسَانٍ) فِي الِاعْتِقَادِ وَالْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ (إلَى يَوْمِ الدِّينِ) أَيْ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ الْجَزَاءِ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ (وَسَلَّمَ) مِنْ السَّلَامِ، وَهُوَ التَّحِيَّةُ أَوْ السَّلَامَةِ مِنْ النَّقَائِصِ وَالرَّذَائِلِ (تَسْلِيمًا) مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ.

(أَمَّا بَعْدُ) يُؤْتَى بِهَا لِلِانْتِقَالِ مِنْ أُسْلُوبٍ إلَى آخَرَ اسْتِحْبَابًا فِي الْخُطَبِ وَالْمُكَاتَبَاتِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُهَا فِي خُطَبِهِ وَشِبْهِهَا نَقَلَهُ عَنْهُ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ صَحَابِيًّا ذُكِرَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ.

وَذَكَرَ ابْنُ قُنْدُسٍ فِي حَوَاشِي الْمُحَرَّر أَنَّ الْحَافِظَ عَبْدَ الْقَادِرِ الرَّهَاوِيَّ رَوَاهُ فِي الْأَرْبَعِينَ الَّتِي لَهُ عَنْ أَرْبَعِينَ صَحَابِيًّا وَقِيلَ إنَّهَا فَصْلُ الْخِطَابِ الَّذِي أُوتِيهِ دَاوُد وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ نَطَقَ بِهَا فَقِيلَ: دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقِيلَ: يَعْقُوبُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقِيلَ: يَعْرُبُ بْنُ قَحْطَانَ وَقِيلَ: كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ وَقِيلَ: قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ وَقِيلَ: سَحْبَانُ بْنُ وَائِلٍ.

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَوَّلِيَّةِ الْمَحْضَةِ، وَالْبَقِيَّةُ غَيْرُ الثَّانِي بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً ثُمَّ يُجْمَعُ بَيْنَهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَائِلِ وَالثَّانِي ضَعِيفٌ جِدًّا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْجَمْعِ وَالْمَعْرُوفُ بِنَاءُ بَعْدُ عَلَى الضَّمِّ وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ تَنْوِينَهَا مَرْفُوعَةً وَمَنْصُوبَةً وَالْفَتْحُ بِلَا تَنْوِينٍ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهِيَ ظَرْفُ زَمَانٍ وَرُبَّمَا اُسْتُعْمِلَتْ ظَرْفَ مَكَان وَأَمَّا حَرْفُ تَفْصِيلٍ ضُمِّنَ مَعْنَى الشَّرْطِ (فَهَذَا) إشَارَةٌ إلَى مَا اسْتَحْضَرَهُ فِي ذِهْنِهِ وَأَقَامَهُ مَقَامَ الْمَلْفُوظِ الْمَقْرُوءِ الْمَوْجُودِ بِالْعِيَانِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْخُطْبَةُ قَبْلَ التَّأْلِيفِ أَوْ بَعْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُسَمَّى الْكِتَابِ الْأَلْفَاظُ مِنْ حَيْثُ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعَانِي (كِتَابٌ) أَيْ مَكْتُوبٌ جَامِعٌ.

(فِي الْفِقْهِ) وَهُوَ لُغَةً الْفَهْمُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَعُرْفًا مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْفَرْعِيَّةِ بِالْفِعْلِ أَوْ الْقُوَّةِ الْقَرِيبَةِ أَوْ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ نَفْسِهَا، وَالْفَقِيهُ: مَنْ عَرَفَ جُمْلَةً غَالِبَةً كَذَلِكَ بِالِاسْتِدْلَالِ وَمَوْضُوعُهُ: أَفْعَالُ الْعِبَادِ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الْأَحْكَامِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015