(قَالَ) الْقَاضِي سَعْدُ الدِّينِ (الْحَارِثِيُّ) لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ أَيْ النَّوْمِ لِلْمُعْتَكِفِ (وَكَذَا مَا لَا يُسْتَدَامُ كَبَيْتُوتَةِ الصَّيْفِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَقَيْلُولَةِ الْمُجْتَازِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةٍ غَيْرُ وَاحِدٍ وَمَا يُسْتَدَامُ مِنْ النَّوْمِ كَنَوْمِ الْمُقِيمِ، عَنْ أَحْمَدَ الْمَنْعُ مِنْهُ كَمَا مَرَّ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحٍ وَابْنِ مَنْصُورٍ وَأَبِي دَاوُد، وَحَكَى الْقَاضِي رِوَايَةً بِالْجَوَازِ: وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ، وَبِهَذَا أَقُولُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَارِثِيِّ (لَكِنْ لَا يَنَامُ قُدَّامَ الْمُصَلِّينَ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي اسْتِقْبَالُ نَائِمٍ قُلْت وَعَلَى هَذَا فَلَهُمْ إقَامَتُهُ.
(وَيُسَنُّ صَوْنُهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (عَنْ إنْشَادِ شِعْرٍ مُحَرَّمٍ) ، قُلْتُ: بَلْ يَجِبُ.
(وَ) عَنْ إنْشَادِ شِعْرٍ (قَبِيحٍ) وَعَمَلِ سَمَاعٍ وَإِنْشَادِ ضَالَّةٍ أَيْ: تَعْرِيفِهَا (وَنِشْدَانُهَا) أَيْ: طَلَبُهَا (وَيُسَنُّ لِسَامِعِهِ) أَيْ: سَامِعِ نِشْدَانِ الضَّالَّةِ (أَنْ يَقُولَ: لَا وَجَدْتهَا وَلَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْك) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْك إنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَ) يُسَنُّ صَوْنُهُ (عَنْ إقَامَةِ) حَدٍّ نَقَلَهُ فِي الْآدَابِ عَنْ الرِّعَايَةِ قَالَ: وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقَامَةُ الْحُدُودِ فِي الْمَسَاجِدِ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسْجِدِ.
(وَ) عَنْ (سَلِّ سَيْفٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ أَنْوَاعِ السِّلَاحِ احْتِرَامًا لَهُ.
(وَيُكْرَهُ فِيهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (الْخَوْضُ وَالْفُضُولُ) مِنْ الْكَلَامِ (وَحَدِيثُ الدُّنْيَا وَالِارْتِفَاقُ بِهِ) أَيْ بِالْمَسْجِدِ (وَإِخْرَاجُ حَصَاهُ وَتُرَابُهُ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ وَغَيْرُهُ) قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: كَذَا قَالُوا وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ: إمَّا مُرَادُهُمْ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمُ، وَإِمَّا مُرَادُهُمْ إخْرَاجُ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ لَا الْكَثِيرِ انْتَهَى وَيَأْتِي لَهُ تَتِمَّةٌ فِي الْحَجِّ.
(وَلَا يَسْتَعْمِلُ النَّاسَ حُصْرَهُ وَقَنَادِيلَهُ) وَسَائِرَ مَا وُقِفَ لِمَصْلَحَةٍ (فِي مَصَالِحِهِمْ كَالْأَعْرَاسِ وَالْأَعْزِيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُوقَفْ لِذَلِكَ وَيَجِبُ صَرْفُ الْوَقْفِ لِلْجِهَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَاقِفُ.
(وَمَنْ لَهُ الْأَكْلُ فِيهِ فَلَا يُلَوِّثُ حُصْرَهُ وَلَا يُلْقِي الْعِظَامَ وَنَحْوَهَا) كَقُشُورِ الْبِطِّيخِ وَنَوَى التَّمْرِ وَنَحْوِهِ (فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ (تَقْذِيرٌ) لَهُ، (فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ تَنْظِيفُ ذَلِكَ) وَعَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبُصَاقِ: إنْ لَمْ يُزِلْهُ فَاعِلُهُ، وَجَبَ عَلَى مَنْ عَلِمَهُ غَيْرُهُ.
(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُغْرَسَ فِيهِ شَيْءٌ وَيُقْلَعُ مَا غُرِسَ فِيهِ وَلَوْ بَعْدَ إيقَافِهِ) أَيْ: الْمَغْرُوسِ.
(وَلَا) يَجُوزُ (حَفْرُ بِئْرٍ) فِي الْمَسْجِدِ قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَفْرِ الْبِئْرِ