(رُفِعَ لَهُ دَرَجَاتٌ) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِمَا.
(وَلَا يُسْتَحَبُّ صِيَامُهُ) أَيْ: يَوْمِ عَرَفَةَ (لِمَنْ كَانَ بِعَرَفَةَ مِنْ الْحَاجِّ بَلْ فِطْرُهُ أَفْضَلُ) لِمَا رَوَتْ أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ " أَنَّهَا «أَرْسَلَتْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ فَشَرِبَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَخْبَرَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ "؛ وَلِأَنَّهُ يُضَعِّفُ عَنْ الدُّعَاءِ فَكَانَ تَرْكُهُ أَفْضَلَ وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ أَضْيَافُ اللَّهِ وَزُوَّارُهُ وَعَنْ عُقْبَةَ مَرْفُوعًا: «يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَالنَّسَائِيُّ، وَكَرِهَهُ جَمَاعَةٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ (إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ وَقَارِنٍ عَدِمَا الْهَدْيَ) فَيَصُومَانِهِ مَعَ الْيَوْمَيْنِ قَبْلَهُ (وَيَأْتِي) فِي الْحَجِّ.
(وَيُكْرَهُ إفْرَادُ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ) ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ صِيَامِهِ» وَفِيهِ دَاوُد بْنُ عَطَاءٍ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ إحْيَاءً لِشِعَارِ الْجَاهِلِيَّةِ بِتَعْظِيمِهِ وَلِهَذَا صَحَّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ فِيهِ وَيَقُولُ: كُلُوا فَإِنَّمَا هُوَ شَهْرٌ كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تُعَظِّمُهُ " (وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِفِطْرِهِ فِيهِ وَلَوْ يَوْمًا أَوْ بِصَوْمِهِ شَهْرًا آخَرَ مِنْ السَّنَةِ قَالَ الْمَجْدُ: وَإِنْ لَمْ يَلِهِ) أَيْ: يَلِي الشَّهْرَ الْآخَرَ رَجَبٌ.
(وَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُ شَهْرٍ غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ» وَالْمُرَادُ أَحْيَانًا وَلَمْ يُدَاوِمْ كَامِلًا عَلَى غَيْرِ رَمَضَانَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ صَوْمُ رَجَبٍ وَشَعْبَانَ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَاسْتَحَبَّهُ فِي الْإِرْشَادِ (وَكُلُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي فَضْلِ صَوْمِ رَجَبٍ أَوْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَكَذِبٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ) بِالْحَدِيثِ.
(وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ إفْرَادِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِصَوْمٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا وَقَبْلَهُ يَوْمٌ وَبَعْدَهُ يَوْمٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ: «لَا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي وَلَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ» قَالَ الدَّاوُدِيُّ: لَمْ يَبْلُغْ مَالِكًا الْحَدِيثُ، وَيُحْمَلُ مَا رُوِيَ مِنْ صَوْمِهِ وَالتَّرْغِيبُ