إلَى يَهُودَ لِيَخْرُصَ عَلَيْهِمْ النَّخْلَ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد «لِكَيْ يُحْصِيَ الزَّكَاةَ قَبْلَ أَنْ تُؤْكَلَ الثِّمَارُ وَتُفَرَّقَ» .
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبْعَثُ عَلَى النَّاسِ مَنْ يَخْرُصُ عَلَيْهِمْ كُرُومَهُمْ وَثِمَارَهُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّ عَنْهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَصَ عَلَى امْرَأَةٍ بِوَادِي الْقُرَى حَدِيقَةً لَهَا» وَحَدِيثُهَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَقَوْلُ الْمَانِعِ أَنَّهُ خَطَرٌ وَغَرَرٌ: يُرَدُّ بِأَنَّهُ اجْتِهَادٌ فِي مَعْرِفَةِ الْحَقِّ بِغَالِبِ الظَّنِّ وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي تَقْوِيمِ الْمُتْلَفَاتِ وَالْمُجْتَهِدَاتِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ وَسَائِرِ الظَّوَاهِرِ الْمَعْمُولِ بِهَا وَإِنْ احْتَمَلَتْ الْخَطَأَ (إذَا بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى الْخَرْصِ.
(وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ) الْخَارِصُ (مُسْلِمًا أَمِينًا خَبِيرًا غَيْرَ مُتَّهَمٍ) لِأَنَّ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمُتَّهَمُ: هُوَ مَنْ كَانَ مِنْ أَحَدِ عَمُودَيْ نَسَبِ الْمَالِكِ.
(وَلَوْ) كَانَ (عَبْدًا) كَالْفَتْوَى وَرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَاعْتُبِرَ أَنْ يَكُونَ خَبِيرًا لِئَلَّا تَفُوتَ الْحِكْمَةُ الَّتِي شُرِّعَ لَهَا الْخَرْصُ (وَيَكْفِي خَارِصٌ وَاحِدٌ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَلِأَنَّهُ يُنَفِّذُ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ كَقَائِفٍ وَحَاكِمٍ.
(وَأُجْرَتُهُ) أَيْ الْخَارِصِ (عَلَى رَبِّ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ) وَفِي الْمُبْدِعِ: أُجْرَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ انْتَهَى قُلْت لَوْ قِيلَ مِنْ سَهْمِ الْعُمَّالِ لَكَانَ مُتَّجَهًا.
(فَيَخْرُصُ ثَمَرَهُمَا) أَيْ النَّخْلَ وَالْكَرْمَ (عَلَى أَرْبَابِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا تُخْرَصُ الْحُبُوبُ) بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى (وَلَا ثَمَرُ غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ كَالْبُنْدُقِ وَاللَّوْزِ لِأَنَّ النَّصَّ إنَّمَا وَرَدَ بِخَرْصِهِمَا مَعَ أَنَّ ثَمَرَهُمَا مُجْتَمِعٌ فِي الْعُذُوقِ وَالْعَنَاقِيدِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ الْخَرْصُ عَلَيْهِ غَالِبًا وَالْحَاجَةُ إلَى أَكْلِهِمَا رُطَبَةً أَشَدُّ مِنْ غَيْرِهِمَا فَامْتَنَعَ الْقِيَاسُ وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ الْمُنَجَّا: أَنَّ نَخْلَ الْبَصْرَةِ لَا يُخْرَصُ وَإِنَّهُ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَعُلِّلَ بِالْمَشَقَّةِ وَبِغَيْرِهَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ.
(وَالْخَرْصُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ مَصْدَرٌ وَمَعْنَاهُ هُنَا (حَزْرُ مِقْدَارِ الثَّمَرَةِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَزْنًا بَعْدَ أَنْ يَطُوفَ) الْخَارِصُ (بِهِ) أَيْ بِالنَّخْلِ أَوْ الْكَرْمِ (ثُمَّ يُقَدِّرُهُ تَمْرًا) أَوْ زَبِيبًا (ثُمَّ يُعَرِّفُ) الْخَارِصُ (الْمَالِكَ قَدْرَ الزَّكَاةِ) فِيهِ (وَيُخَيِّرُهُ بَيْنَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا شَاءَ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَيَضْمَنُ قَدْرَهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (وَبَيْنَ حِفْظِهَا) أَيْ الثِّمَارِ