أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
(فَإِنْ الْتَقَيَا وَبَدَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ مَعًا) بِالسَّلَامِ (فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْإِجَابَةُ) لِعُمُومِ الْأَوَامِرِ بِرَدِّ السَّلَامِ فَإِنْ قَالَهُ أَحَدُهُمَا بَعْد الْآخَرِ فَقَالَ الشَّاشِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ: كَانَ جَوَابًا قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ قَالَ وَقَالَ الشَّيْخُ وَجِيهُ الدِّينِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ ابْتِدَاءً لَا جَوَابًا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْجَوَابَ لِأَنَّ هَذِهِ صِيغَةُ جَوَابٍ فَلَا تَسْتَحِقُّ جَوَابًا.
(وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى أَصَمًّ جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ) وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ قَالَهُ فِي الْآدَابِ (كَرَدِّهِ سَلَامِهِ) أَيْ: سَلَامِ الْأَصَمِّ فَيَجْمَعُ الرَّادُّ عَلَيْهِ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ (وَسَلَامُ الْأَخْرَسِ) بِالْإِشَارَةِ (وَجَوَابُهُ) أَيْ: الْأَخْرَس (بِالْإِشَارَةِ) لِقِيَامِهَا مَقَامَ نُطْقِهِ وَقَالَ الْمَرُّوذِيَّ: إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَمَّا اشْتَدَّ بِهِ الْمَرَضُ كَانَ رُبَّمَا أَذِنَ لِلنَّاسِ فَيَدْخُلُونَ عَلَيْهِ أَفْوَاجًا أَفْوَاجًا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ فَيَرُدَّ بِيَدِهِ (وَآخِرُ السَّلَامِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا: وَبَرَكَاتُهُ) أَيْ: اسْتِحْبَابًا وَتَقَدَّمَ مَا يُجْزِئُ مِنْهُ (وَيَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ الِابْتِدَاءَ عَلَى الرَّدِّ وَعَكْسِهِ) أَيْ: أَنْ يَزِيدَ الرَّدَّ عَلَى الِابْتِدَاءِ.
(وَسَلَامُ النِّسَاءِ عَلَى النِّسَاءِ كَسَلَامِ الرِّجَالِ عَلَى الرِّجَالِ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ.
(وَلَا يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِ مَنْ يُصَافِحُهُ حَتَّى يَنْزِعَهَا) أَيْ: يَدَهُ مِنْ يَدِهِ لِمَا فِي نَزْعِ يَدِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ (إلَّا لِحَاجَةٍ كَحَيَائِهِ مِنْهُ) (وَنَحْوِهِ) كَمَضَرَّةٍ بِالتَّأْخِيرِ.
(وَلَا بَأْسَ بِالْمُعَانَقَةِ) وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: يُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ الْقَادِمِ وَمُعَانَقَتِهِ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ قَالَ: وَإِكْرَامُ الْعُلَمَاءِ وَأَشْرَافِ الْقَوْمِ بِالْقِيَامِ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ قَالَ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَطْمَعَ فِي قِيَامِ النَّاسِ لَهُ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: لَا يُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ إلَّا لِلْإِمَامِ الْعَادِلِ وَالْوَالِدَيْنِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْوَرَعِ وَالْكَرَمِ وَالنَّسَبِ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَكَذَا ذَكَر الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ وَقَاسَهُ عَلَى الْمُهَادَاةِ لَهُمْ قَالَ: وَيُكْرَهُ لِأَهْلِ الْمَعَاصِي وَالْفُجُورِ وَاَلَّذِي يُقَامُ إلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَسْتَكْبِرُ نَفْسُهُ إلَيْهِ وَلَا تُطَالِبُهُ وَالنَّهْيُ قَدْ وَقَعَ عَلَى السُّرُورِ بِذَلِكَ الْحَالِ فَإِذَا لَمْ يُسَرَّ بِالْقِيَامِ إلَيْهِ وَقَامُوا إلَيْهِ فَغَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْهُ ذَكَره فِي الْآدَابِ.
(وَ) لَا بَأْسَ (بِتَقْبِيلِ الرَّأْسِ وَالْيَدِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَنَحْوِهِمْ)