فَإِنَّهُمْ لَمْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ بِإِمَامٍ (احْتِرَامًا لَهُ وَتَعْظِيمًا) لِقَدْرِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " دَخَلَ النَّاسُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَالًا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى إذَا فَرَغُوا أَدْخَلُوا النِّسَاءَ حَتَّى إذَا فَرَغُوا أَدْخَلُوا الصِّبْيَانَ وَلَمْ يَؤُمَّ النَّاسَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

وَفِي الْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ " أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِوَصِيَّةٍ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " (وَلَا يُطَافُ بِالْجِنَازَةِ عَلَى أَهْلِ الْأَمَاكِنِ لِيُصَلُّوا عَلَيْهَا فَهِيَ كَالْإِمَامِ يُقْصَدُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ.

(وَلَا يَقْصِدُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ (وَالْأَوْلَى بِهَا) أَيْ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ إمَامًا وَصِيَّهُ الْعَدْلُ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُمْ مَا زَالُوا يُوصُونَ بِذَلِكَ وَيُقَدِّمُونَ الْوَصِيَّ فَأَوْصَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَأَوْصَى عُمَرُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ وَأَوْصَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ.

وَأَوْصَى أَبُو بَكْرَةَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ حَكَى ذَلِكَ كُلَّهُ أَحْمَدُ وَقَالَ غَيْرُهُ: عَائِشَةُ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ مَسْعُودٍ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ وَلِأَنَّهَا وِلَايَةٌ تُسْتَفَادُ بِالنَّسَبِ، فَصَحَّ الْإِيصَاءُ بِهَا كَالْمَالِ وَتَفْرِقَتُهُ فَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ فَاسِقًا لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ ثُمَّ (بَعْدَ الْوَصِيِّ: السُّلْطَانُ) لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» - الْحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَاءَهُ مِنْ بَعْدِهِ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْمَوْتَى وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ الْعُصْبَةَ وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ " شَهِدْتُ حُسَيْنًا حِينَ مَاتَ الْحَسَنُ وَهُوَ يَدْفَعُ فِي قَفَا سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَمِيرِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ يَقُولُ: لَوْلَا السُّنَّةُ مَا قَدَّمْتُكَ ".

وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ يُسَنُّ لَهَا الِاجْتِمَاعُ فَإِذَا حَضَرَهَا السُّلْطَانُ كَانَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ كَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ (ثُمَّ نَائِبُهُ الْأَمِيرُ) أَيْ: أَمِيرُ بَلَدِ الْمَيِّتِ، إنْ حَضَرَهَا (ثُمَّ الْحَاكِمُ وَهُوَ الْقَاضِي، لَكِنَّ السَّيِّدَ أَوْلَى بِرَقِيقِهِ بِهَا) أَيْ: بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إمَامًا (مِنْ السُّلْطَانِ) وَنُوَّابِهِ لِأَنَّهُ مَالِكُهُ.

(وَ) السَّيِّدُ أَيْضًا أَوْلَى (بِغُسْلٍ وَبِدَفْنٍ) لِرَقِيقِهِ لِمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ) بَعْدَ السُّلْطَانِ وَنُوَّابِهِ: الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَى الْحُرِّ (أَقْرُبُ الْعُصْبَةُ) يَعْنِي الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ لَهُ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ، ثُمَّ الْأَخُ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ وَهَكَذَا كَالْمِيرَاثِ (ثُمَّ ذَوُو أَرْحَامِهِ) الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، كَالْغُسْلِ (ثُمَّ الزَّوْجُ) ثُمَّ الْأَجَانِبُ (وَمَعَ التَّسَاوِي) كَابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ (يُقَدَّمُ الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ هُنَاكَ (فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الصِّفَاتِ) بِحَيْثُ لَا أَوْلَوِيَّةَ لِأَحَدِهِمْ عَلَى الْآخَرِ فِي الْإِمَامَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015