لِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُمَا بَدَلٌ مِنْ رَكْعَتَيْنِ (وَهُمَا) أَيْ الْخُطْبَتَانِ (بَدَلُ رَكْعَتَيْنِ) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عُمَرَ وَعَائِشَةَ، وَلَا يُقَالُ إنَّهُمَا بَدَلُ رَكْعَتَيْنِ (مِنْ الظُّهْرِ) لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ الظُّهْرِ، بَلْ الظُّهْرُ بَدَلًا عَنْهَا إذَا فَاتَتْ (وَلَا بَأْسَ بِقِرَاءَتِهِمَا) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ (مِنْ صَحِيفَةٍ وَلَوْ لِمَنْ يُحْسِنُهُمَا، كَقِرَاءَةِ) الْفَاتِحَةِ (مِنْ مُصْحَفٍ) وَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ.

(وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالشَّرْطِ هُنَا: مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا أَوْ خَارِجًا (حَمِدَ اللَّهَ بِلَفْظِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ) فَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ مُرْسَلًا.

وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا تَشَهَّدَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ» (وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَفْظِ الصَّلَاةِ) لِأَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ افْتَقَرْت إلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى افْتَقَرْت إلَى ذِكْرِ رَسُولِهِ كَالْأَذَانِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَيَتَعَيَّنُ لَفْظُ الصَّلَاةِ، أَوْ يَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَوْجَبَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ إيمَانٌ بِهِ، وَالصَّلَاةُ دُعَاءٌ لَهُ وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ فِي خُطْبَتِهِ، وَعَمَلًا بِالْأَصْلِ.

(وَلَا يَجِبُ السَّلَامُ عَلَيْهِ مَعَ الصَّلَاةِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَلًا بِالْأَصْلِ (وَقِرَاءَةُ آيَةٍ) كَامِلَةٍ لِقَوْلِ جَابِرٍ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ آيَاتٍ وَيُذَكِّرُ النَّاسَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَلِأَنَّهُمَا أُقِيمَا مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ وَالْخُطْبَةُ فَرْضٌ، فَوَجَبَتْ فِيهَا الْقِرَاءَةُ كَالصَّلَاةِ، وَلَا تَتَعَيَّنُ آيَةٌ قَالَ أَحْمَدُ: يَقْرَأُ مَا شَاءَ وَلَا يُجْزِئُ بَعْضُ آيَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا دُونَهَا حُكْمٌ، بِدَلِيلِ، عَدَمِ مَنْعِ الْجُنُبِ مِنْهُ.

(وَلَوْ) كَانَتْ الْخُطْبَةُ (مِنْ جُنُبٍ مَعَ تَحْرِيمهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا) أَيْ الْآيَةِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ عُمَرَ قَرَأَ سُورَةَ الْحَجِّ فِي الْخُطْبَةِ.

(قَالَ) أَسْعَدُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ، وَلَوْ قَرَأَ آيَةً لَا تَسْتَقِلُّ بِمَعْنًى أَوْ حُكْمٍ كَقَوْلِهِ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] وَ {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] (لَمْ يَكْفِ وَالْوَصِيَّةُ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ.

(قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (وَأَقَلُّهَا: اتَّقُوا اللَّهَ، وَأَطِيعُوا اللَّهَ، وَنَحْوُهُ انْتَهَى) وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَكْفِي ذِكْرُ الْمَوْتِ وَذَمُّ الدُّنْيَا وَلَا بُدَّ أَنْ يُحَرِّكَ الْقُلُوبَ وَيَبْعَثُ بِهَا إلَى الْخَيْرِ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى " أَطِيعُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015