(فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ) بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (وَلَيْسَ) الْجَمْعُ (بِمُسْتَحَبٍّ، بَلْ تَرْكُهُ أَفْضَلُ) لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ (غَيْرَ جَمْعَيْ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ) فَيُسَنَّانِ بِشَرْطِهِ، لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِمَا لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (يَجُوزُ) الْجَمْعُ (بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ) فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا (وَ) بَيْنَ (الْعِشَاءَيْنِ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا) فَهَذِهِ الْأَرْبَعُ هِيَ الَّتِي تُجْمَعُ: الظُّهْرُ، وَالْعَصْرُ، وَالْمَغْرِبُ، وَالْعِشَاءُ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا أَمَّا الْأُولَى، وَيُسَمَّى جَمْعُ التَّقْدِيمِ، أَوْ الثَّانِيَةُ، وَيُقَالُ لَهُ جَمْعُ التَّأْخِيرِ فِي ثَمَانِ حَالَاتٍ إحْدَاهَا (لِمُسَافِرٍ يَقْصُرُ) أَيْ يُبَاحُ لَهُ قَصْرُ الرُّبَاعِيَّةِ، بِأَنْ يَكُونَ السَّفَرُ غَيْرَ مَكْرُوهٍ وَلَا حَرَامٍ؛ وَيَبْلُغُ يَوْمَيْنِ قَاصِدَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ لِمَا رَوَى مُعَاذٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ زَيْغِ الشَّمْسِ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَجْمَعَهَا إلَى الْعَصْرِ يُصَلِّيهِمَا جَمِيعًا، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ سَارَ وَكَانَ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَعَنْ أَنَسٍ مَعْنَاهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَظَاهِرُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَازِلًا أَوْ سَائِرًا فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ أَوْ التَّأْخِيرِ وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ إلَّا لِسَائِرٍ (فَلَا يَجْمَعُ مَنْ لَا) يُبَاحُ لَهُ أَنْ (يَقْصُرَ، كَمَكِّيٍّ وَنَحْوِهِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ) .
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: أَمَّا الْمَكِّيُّ وَمَنْ هُوَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ عَرَفَةَ وَمِنْ مُزْدَلِفَةَ، وَاَلَّذِي يَنْوِي الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ فَوْقَ عِشْرِينَ صَلَاةً، فَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ الْجَمْعُ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُسَافِرِينَ سَفَرَ قَصْرٍ.
(وَ) الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ (الْمَرِيضُ يَلْحَقُهُ بِتَرْكِهِ) أَيْ الْجَمْعِ (مَشَقَّةٌ وَضَعْفٌ) لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -