(فَصْلٌ وَيَجُوزُ لِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَتَقَاسَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ) وَأَنْ يَتَقَاسَمُوا (بِقَاسِمٍ يَنْصِبُونَهُ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لَا يَعْدُوهُمْ (أَوْ يَسْأَلُوا الْحَاكِمَ نَصْبَهُ) أَيْ الْقَاسِمِ لِيَقْسِمَ بَيْنَهُمْ لِأَنَّ طَلَبَهُ حَقٌّ لَهُمْ فَجَازَ أَنْ يَسْأَلُوهُ الْحَاكِمَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْحُقُوقِ (وَأُجْرَتُهُ) أَيْ الْقَاسِمِ وَتُسَمَّى الْقُسَامَةَ بِضَمِّ الْقَافِ (مُبَاحَةٌ) لِأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ عَمَلٍ لَا يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ.
قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى (فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ الْقَاسِمَ (كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) أَيْ الشُّرَكَاءِ (بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ لِيَقْسِمَ نَصِيبَهُ جَازَ) لِأَنَّهُ عَمَلٌ مَعْلُومٌ (وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ الشُّرَكَاءُ (جَمِيعًا إجَارَةً وَاحِدَةً بِأُجْرَةٍ وَاحِدَةٍ لَزِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْ الْمَقْسُومِ) كَالنَّفَقَةِ عَلَى الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ (مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ) فَيُتْبَعُ عَلَى مَا فِي الْكَافِي.
وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَهِيَ بِقَدْرِ الْأَمْلَاكِ وَلَوْ شَرَطَ خِلَافَهُ (وَ) الْأُجْرَةُ عَلَى الْجَمِيعِ (وَسَوَاءٌ طَلَبُوا الْقِسْمَةَ) أَوْ طَلَبَهَا (أَحَدُهُمْ وَأُجْرَةُ شَاهِدٍ يَخْرُجُ لِقَسْمِ الْبِلَادِ وَوَكِيلٍ وَأَمِينٍ لِلْحِفْظِ) أَيْ حِفْظِ الزَّرْعِ الَّذِي يُؤْخَذُ خَرَاجَهُ مِنْهُ (عَلَى مَالِكٍ وَفَلَّاحٍ قَالَهُ الشَّيْخُ) يَعْنِي بِقَدْرِ الْأَمْلَاكِ كَأُجْرَةِ لِلْقَاسِمِ (وَقَالَ) الشَّيْخُ (إذَا مَانَهُمْ الْفَلَّاحُ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ) لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ (أَوْ) بِقَدْرِ مَا (يَسْتَحِقُّهُ لِلضَّيْفِ حَلَّ لَهُمْ وَقَالَ: وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ إلَّا قَدْرَ أُجْرَةِ عَمَلِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالزِّيَادَةُ يَأْخُذُهَا الْمُقَطِّعُ، فَالْمُقَطِّعُ هُوَ الَّذِي ظَلَمَ الْفَلَّاحِينَ فَإِذَا أَعْطَى الْوَكِيلُ الْمُقَطِّعَ مِنْ الضَّرِيبَةِ مَا يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَلَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ إلَّا أُجْرَةَ عَمَلِهِ جَازَ ذَلِكَ) .
قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ كَيْفَ وَلَهُ مَدْخَلٌ فِي ظُلْمِهِمْ؟ قَالَ - تَعَالَى -: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: 113] (وَيُشْتَرَط أَنْ يَكُونَ الْقَاسِمُ) الَّذِي يُنَصِّبُهُ الْإِمَامُ (مُسْلِمًا عَدْلًا) لِيُقْبَلَ قَوْلُهُ فِي الْقِسْمَةِ (عَارِفًا بِالْقِسْمَةِ) لِيَحْصُلَ مِنْهُ الْمَقْصُودُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا لَمْ يَكُنْ تَعْيِينُهُ لِلسِّهَامِ مَقْبُولًا.
(قَالَ) الشَّيْخُ (الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ) كَالشَّارِحِ وَالزَّرْكَشِيِّ: (وَعَارِفًا بِالْحِسَابِ) لِأَنَّهُ كَالْخَطِّ لِلْكَاتِبِ.
وَفِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ: إنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ أَسْقَطَتْ عَدَالَتُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَتِهِمْ لَمْ يُشْتَرَطْ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ عَدْلًا كَانَ كَقَاسِمِ الْحَاكِمِ فِي لُزُومِ قِسْمَتِهِ بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا لَمْ تَلْزَمْ قِسْمَتُهُ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا (فَإِنْ