الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

وَفِي عُمْدَةِ الصَّفْوَةِ فِي حِلِّ الْقَهْوَةِ لِشَيْخِ شَيْخِنَا الْجَزِيرِيِّ نَقْلًا عَنْ تَارِيخِ الْمَقْرِيزِيِّ الْمُسَمَّى بِالْمُقَفَّى: أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ عِيسَى بْنِ سِرَاجٍ النَّاسِخَ وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِهِ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَنَامِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُؤْكَلُ الْبِطِّيخُ فَقَطَعَ شِقَّةً وَأَكَلَهَا مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ إلَى نِصْفِهَا ثُمَّ حَوَّلَهَا إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ وَأَكَلَهَا حَتَّى فَرَغَتْ وَقَالَ: هَكَذَا يُؤْكَلُ الْبِطِّيخُ انْتَهَى وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ رُؤْيَا الْمَنَامِ لَا تَثْبُتُ بِهَا الْأَحْكَامُ وَلَكِنَّهُ اسْتِئْنَاسٌ.

[بَابُ الذَّكَاةِ]

ِ قَالَ الزَّجَّاجُ الذَّكَاةُ تَمَامُ الشَّيْءِ وَمِنْهُ الذَّكَاةُ فِي السِّنِّ وَهُوَ تَمَامُ السِّنِّ وَسُمِّيَ الذَّبْحُ ذَكَاةً لِأَنَّهُ إتْمَامُ الزُّهُوقِ وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] أَيْ أَدْرَكْتُمُوهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ فَأَتْمَمْتُمُوهُ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الذَّبْحِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ جُرْحٍ سَابِقٍ أَوْ ابْتِدَاءً يُقَال: ذَكَّى الشَّاةَ وَنَحْوَهَا تَذْكِيَةً أَيْ ذَبَحَهَا وَالِاسْمُ الذَّكَاةُ فَالْمَذْبُوحُ ذَكِيٌّ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.

(وَهِيَ) أَيْ الذَّكَاةُ شَرْعًا (ذَبْحُ) مَقْدُورٍ عَلَيْهِ (أَوْ نَحْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ مُبَاحٌ أَكْلُهُ مِنْ حَيَوَانٍ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ لَا جَرَادَ وَنَحْوَهُ) كَالْجُنْدُبِ وَالدَّبَا بِوَزْنِ عَصَا الْجَرَادُ يَتَحَرَّكُ قَبْلَ أَنْ تَثْبُتَ أَجْنِحَتُهُ (بِقَطْعِ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ) وَيَأْتِي بَيَانُهُمَا (أَوْ عَقْرٍ إذَا تَعَذَّرَ) قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ (فَلَا يُبَاحُ شَيْءٌ مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ الصَّيْدِ وَالْأَنْعَامِ وَالطَّيْرِ إلَّا بِالذَّكَاةِ إنْ كَانَ مِمَّا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَهِيَ مَا زَهَقَتْ نَفْسُهُ بِسَبَبٍ غَيْرِ مُبَاحٍ أَوْ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ وَمَا لَمْ يُذَكَّ فَهُوَ مَيْتَةٌ فَيَحْرُمُ لِذَلِكَ (إلَّا الْجَرَادُ وَشِبْهُهُ) كَالْجُنْدُبِ فَيَحِلُّ.

(وَلَوْ مَاتَ بِغَيْرِ سَبَبٍ مِنْ كَبْسٍ وَتَغْرِيقٍ فَأَمَّا السَّمَكُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015