الْجِهَادِ.
(وَلَا يَقْتُلُهُ إلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ حُرًّا كَانَ الْمُرْتَدُّ أَوْ عَبْدًا) لِأَنَّهُ قُتِلَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَكَانَ إلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ كَقَتْلِ الْحُرِّ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» لِأَنَّ قَتْلَ الْمُرْتَدِّ لِكُفْرِهِ لَا حَدًّا (وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ فِدَاءٍ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُرْتَدِّ بَلْ يُقْتَلُ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (وَإِنْ قَتَلَهُ) أَيْ الْمُرْتَدَّ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ (بِلَا إذْنِهِ أَسَاءَ وَعُزِّرَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (وَلَمْ يَضْمَنْ) الْقَاتِلُ الْمُرْتَدَّ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ غَيْرُ مَعْصُومٍ (سَوَاءٌ قَتَلَهُ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا) لِأَنَّهُ مُهْدَرُ الدَّمِ فِي الْجُمْلَةِ وَرِدَّتُهُ مُبِيحَةٌ لِدَمِهِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ كَمَا هِيَ مَوْجُودَةٌ بَعْدَهَا (إلَّا أَنْ يَلْحَقَ) الْمُرْتَدُّ (بِدَارِ حَرْبٍ فَلِكُلِّ) أَحَدٍ (قَتْلُهُ) بِلَا اسْتِتَابَةٍ (وَأَخْذُ مَا مَعَهُ مِنْ مَالٍ) لِأَنَّهُ صَارَ حَرْبِيًّا وَمَا تَرَكَهُ بِدَارِنَا مَعْصُومٌ نَصَّ عَلَيْهِ.
(تَتِمَّةٌ) فِي الْفُنُونِ فِي مَوْلُودٍ وُلِدَ بِرَأْسَيْنِ فَبَلَغَ وَنَطَقَ أَحَدُهُمَا بِالْكُفْرِ وَالْآخَرُ بِالْإِسْلَامِ إنْ كَانَا نَطَقَا مَعًا فَفِي أَيِّهِمَا يُغَلَّبُ؟ احْتِمَالَانِ وَالصَّحِيحُ إنْ تَقَدَّمَ الْإِسْلَامُ فَمُرْتَدٌّ.
(وَالطِّفْلُ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالْمَجْنُونُ وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِنَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ مُبَاحٍ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ وَلَا إسْلَامُهُ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِكَلَامِهِ وَإِنْ ارْتَدَّ وَهُوَ مَجْنُونٌ فَقَتَلَهُ قَاتِلٌ فَعَلَيْهِ الْقَوْدُ) لِأَنَّهُ قَتَلَ مَعْصُومًا عَمْدًا عُدْوَانًا (وَإِنْ ارْتَدَّ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ جُنَّ لَمْ يُقْتَلْ فِي حَالِ جُنُونِهِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ (فَإِذَا أَفَاقَ) مِنْ جُنُونِهِ (اُسْتُتِيبَ ثَلَاثًا) لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ تَابَ) تُرِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتُبْ (قُتِلَ) بِالسَّيْفِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ عَقَلَ صَبِيٌّ الْإِسْلَامَ صَحَّ إسْلَامُهُ) إنْ كَانَ مُمَيِّزًا لِإِسْلَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ صَبِيٌّ وَعُدَّ ذَلِكَ مِنْ مَنَاقِبِهِ وَسَبْقِهِ وَقَالَ: " سَبَقْتُكُمْ إلَى الْإِسْلَامِ طُرًّا صَبِيًّا مَا بَلَغْتُ أَوَانَ حُلُمِي " وَيُقَالُ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الصِّبْيَانِ وَمِنْ الرِّجَالِ أَبُو بَكْرٍ وَمِنْ النِّسَاءِ خَدِيجَةُ وَمِنْ الْعَبِيدِ بِلَالٌ وَقَالَ عُرْوَةُ " أَسْلَمَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَهُمَا ابْنَا ثَمَانِ سِنِينَ " وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» وَالصَّبِيُّ دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ عِبَادَةٌ مُحَصِّنَةٌ فَصَحَّتْ مِنْ الصَّبِيِّ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَلِأَنَّ اللَّهَ دَعَاهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَجَعَلَ طَرِيقَهَا الْإِسْلَامَ فَلَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ مِنْ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ وَسُلُوكِ طَرِيقِهَا لَا يُقَالُ الْإِسْلَامُ يُوجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ فِي مَالِهِ وَنَفَقَةِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَحِرْمَانِ مِيرَاثَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ وَفَسْخِ نِكَاحِهِ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ نَفْعٌ مَحْضٌ لِأَنَّهَا سَبَبُ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ الْمَحْضَةِ لِلْمَالِ وَالْمِيرَاثِ