لَهُ رَمْيُ مَنْ نَظَرَ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ.
(وَإِنْ عَقَرَتْ كَلْبَةٌ مَنْ قَرُبَ مِنْ أَوْلَادِهَا أَوْ خَرَقَتْ ثَوْبَهُ لَمْ تُقْتَلْ) بِذَلِكَ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ الْعَقُورِ لِأَنَّ الطِّبَاعِ جُبِلَتْ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْوَلَدِ (بَلْ تُنْقَلُ) إلَى مَكَان مُنْفَرِد دَفْعًا لِأَذَاهَا.
(وَقَالَ الشَّيْخُ: فِي جُنْدٍ قَاتَلُوا عَرَبًا نَهَبُوا أَمْوَالَ تُجَّارٍ لِيَرُدُّوهُ) لِمَالِكَيْهِ (هُمْ) أَيْ الْجُنْدُ (مُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ فِي حُكْمِهِمْ لِأَنَّهُمْ نَاهُونَ عَنْ الْمُنْكَرِ (وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْجُنْدِ فِيمَنْ قُتِلَ مِنْ الْعَرَبِ (بِقَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ) أَيْ وَلَا كَفَّارَةٍ حَيْثُ لَمْ يَنْدَفِعُوا إلَّا بِذَلِكَ كَالصَّائِلِ فَإِنْ قَاتَلُوهُمْ لِيَأْخُذُوا مِنْهُمْ مَا أَخَذُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ فَهُمَا ظَالِمَانِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ.
(بَاب قِتَالُ أَهْلِ الْبَغْيِ) وَهُوَ مَصْدَرٌ بَغَى يَبْغِي إذَا اعْتَدَى وَالْمُرَادُ هُنَا الظَّلَمَةُ الْخَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ الْمُعْتَدُونَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9]- إلَى قَوْله {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10] وَفِيهِ فَوَائِدٌ مِنْهَا: أَنَّهُمْ لَمْ يَخْرُجُوا بِالْبَغْيِ عَنْ الْإِيمَانِ وَأَنَّهُ أَوْجَبَ قِتَالَهُمْ وَأَنَّهُ أَسْقَطَ عَنْهُمْ التَّبِعَةَ فِيمَا أَتْلَفُوهُ فِي قِتَالِهِمْ وَإِجَازَةُ قِتَالِ كُلِّ مَنْ مَنَعَ حَقًّا عَلَيْهِ وَالْأَحَادِيثُ بِذَلِكَ مَشْهُورَةٌ مِنْهَا مَا رَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى قِتَالِهِمْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَاتَلَ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَعَلِيًّا قَاتَلَ أَهْلَ الْجَمَلِ وَأَهْلَ صِفِّينَ.
(نَصْبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ إلَى ذَلِكَ لِحِمَايَةِ الْبَيْضَةِ وَالذَّبِّ عَنْ الْحَوْزَةِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَاسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُخَاطَبُ بِذَلِكَ طَائِفَتَانِ إحْدَاهُمَا أَهْلُ الِاجْتِهَادِ حَتَّى يَخْتَارُوا وَالثَّانِيَةُ مَنْ تُوجَدُ فِيهِمْ شَرَائِطُ الْإِمَامَةِ حَتَّى يَنْتَصِبَ أَحَدُهُمْ لَهَا، أَمَّا أَهْلُ الِاخْتِيَارِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِمْ الْعَدَالَةُ وَالْعِلْمُ الْمُوصِلُ إلَى مَعْرِفَةِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْإِمَامَةَ وَالرَّأْيَ وَالتَّدْبِيرَ الْمُؤَدِّي إلَى اخْتِيَارِ مَنْ هُوَ لِلْإِمَامَةِ أَصْلَحُ.