عَالِمًا بِأَنَّهَا يُسْرَاهُ، وَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ) لِأَنَّهُ قَطَعَ طَرَفًا مَعْصُومًا عَمْدًا، فَأُقِيدَ بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِبْ قَطْعُ يُمْنَاهُ.
(وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) الْقَاطِعُ (أَنَّهَا يُسْرَاهُ، أَوْ ظَنَّ أَنَّهَا تُجْزِئُهُ فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا) لِأَنَّ مَا أَوْجَبَ عَمْدُهُ الْقَوَدُ أَوْجَبَ خَطَؤُهُ الدِّيَةَ كَالْقَتْلِ (وَإِنْ كَانَ السَّارِقُ أَخْرَجَهَا اخْتِيَارًا عَالِمًا بِالْأَمْرَيْنِ) أَيْ بِأَنَّهَا الْيَسَارُ وَبِأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ (فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ) لِإِذْنِ الْمَقْطُوعِ فِيهِ (وَلَا تُقْطَعُ يُمْنَى السَّارِقُ) لِذَهَابِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ جَزَمَ بِهِ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُنْتَهَى وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُقْطَعُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالتَّنْقِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَيَجْتَمِعُ الْقَطْعُ وَالضَّمَانُ) عَلَى السَّارِقِ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ يَجِبَانِ لِمُسْتَحِقَّيْنِ فَجَازَ اجْتِمَاعُهُمَا كَالْجَزَاءِ وَالْقِيمَةِ فِي الصَّيْدِ الْحَرَمِيِّ الْمَمْلُوكِ (فَيَرُدُّ الْعَيْنَ الْمَسْرُوقَةَ إلَى مَالِكِهَا) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً (وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً وَهِيَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا وَإِلَّا) تَكُنْ مِثْلِيَّةً (فَقِيمَتُهَا قَطَعَ أَوْ لَمْ يَقْطَعْ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا) .
وَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مَرْفُوعًا: «إذَا أَقَمْتُمْ الْحَدَّ عَلَى السَّارِقِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ» قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْحَدِيثُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ سَعِيدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَلَوْ سَلَّمَ صِحَّتَهُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِي أُجْرَةِ الْقَطْعِ (وَإِنْ فَعَلَ) السَّارِقُ (فِي الْعَيْنِ فِعْلًا نَقَصَهَا بِهِ كَقَطْعِ الثَّوْبِ) الْمَسْرُوقِ (وَنَحْوِهِ وَجَبَ رَدُّهُ وَرَدُّ) أَرْشِ (نَقْصِهِ) كَالْمَغْصُوبِ (وَالزَّيْتِ الَّذِي يُحْسَم بِهِ وَأُجْرَةُ الْقَطْع مِنْ مَالِ السَّارِقِ) أَمَّا الزَّيْتُ فَلِأَنَّهُ يَلْزَمهُ حِفْظُ نَفْسِهِ وَهَذَا مِنْهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُحْسَمْ لَمْ يَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ فَوَجَبَ لِذَلِكَ.
وَأَمَّا أُجْرَةُ الْقَطْعِ فَلِأَنَّ الْقَطْعَ حَقٌّ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهُ فَكَانَتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَقِيلَ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ.
(بَابُ حَدِّ الْمُحَارِبِينَ) وَهُوَ جَمْعُ مُحَارِبٍ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ حَارَبَ يُحَارِبُ مِنْ الْحَرْبِ قَالَ ابْنُ فَارِسٍ الْحَرْبُ اشْتِقَاقُهَا مِنْ الْحَرَبِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ مَصْدَرُ حَرَبَ مَالَهُ، أَيْ سَلَبَهُ وَالْحَرِبُ: الْمَحْرُوبُ (وَهُمْ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ) أَيْ (الْمُكَلَّفُونَ الْمُلْتَزِمُونَ) مِنْ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ (وَلَوْ أُنْثَى) لِأَنَّهَا تَقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ فَلَزِمَهَا حُكْمُ الْمُحَارَبَةِ كَالرَّجُلِ (الَّذِينَ يَعْرِضُونَ لِلنَّاسِ بِسِلَاحٍ وَلَوْ بِعَصَا وَحِجَارَةٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ السِّلَاحِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ سِلَاحٌ فَلَيْسُوا