بِلَا حَسْمٍ لَنَزَفَ الدَّمُ فَأَدَّى إلَى مَوْتِهِ (فَإِنْ عَادَ) فَسَرَقَ (قُطِعَتْ رَجُلُهُ الْيُسْرَى مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبِ) بِتَرْكِ عُقْبَةَ لِفِعْلِ عُمَرَ.
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ مِنْ شَطْرِ الْقَدَمِ مِنْ مَعْقِدِ الشِّرَاكِ وَيُتْرَكُ لَهُ عَقِبًا يَمْشِي عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ فِي قَطْعِ الرِّجْلِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي السَّارِقِ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ» لِأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا قُطِعَتْ الرِّجْلُ الْيُسْرَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ} [المائدة: 33] وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْمُحَارَبَةِ ثَبَتَ فِي السَّرِقَةِ قِيَاسًا عَلَيْهَا، وَلِأَنَّ قَطْعَ الرِّجْلِ الْيُسْرَى أَرْفَقُ بِهِ لِأَنَّ الْمَشْيَ عَلَى الرِّجْلِ الْيُمْنَى أَسْهَلُ وَأَمْكَنُ، وَيَبْعُدُ فِي الْعَادَةِ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الْمَشْيِ عَلَى الْيُسْرَى فَوَجَبَ قَطْعُ الْيُسْرَى لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ مِنْهُ مَنْفَعَةٌ بِلَا ضَرُورَةٍ (وَحُسِمَتْ وُجُوبًا) بِغَمْسِهَا فِي زَيْتٍ مَغْلِيٍّ لِئَلَّا يَنْزِفَ الدَّمُ فَيُؤَدِّي إلَى مَوْتِهِ.
(وَصِفَةُ الْقَطْعِ أَنْ يَجْلِسَ السَّارِقُ وَيُضْبَطَ لِئَلَّا يَتَحَرَّكَ) فَيَجْنِي عَلَى نَفْسِهِ (وَتُشَدُّ يَدُهُ بِحَبْلٍ وَتُجَرَّ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَفْصِلُ الْكَفِّ مِنْ مَفْصِلِ الذِّرَاعِ ثُمَّ تُوضَعُ بَيْنَهُمَا سِكِّينٌ حَادَّةٌ وَيُدَقُّ فَوْقَهَا بِقُوَّةٍ لِتَقْطَعَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ تُوضَعَ السِّكِّينُ عَلَى الْمَفْصِلِ وَتُمَدَّ مَدَّةً وَاحِدَةً) وَكَذَا يُفْعَلُ فِي قَطْعِ الرِّجْلِ (وَإِنْ عَلِمَ قَطْعًا أَوْحَى مِنْ هَذَا قَطَعَ بِهِ) لِأَنَّ الْغَرَض التَّسْهِيلَ عَلَيْهِ.
لِحَدِيثِ: «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (وَيُسَنُّ تَعْلِيقُ يَدِهِ فِي عُنُقِهِ) لِمَا رَوَى فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِسَارِقٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَعُلِّقَتْ فِي عُنُقِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَفَعَلَهُ عَلِيٌّ (زَادَ جَمَاعَةٌ) مِنْهُمْ صَاحِبُ الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إنْ رَآهُ الْإِمَامُ) أَيْ أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ لِتَتَّعِظَ بِهِ اللُّصُوصُ (وَلَا يُقْطَعُ) السَّارِقُ (فِي شِدَّةِ حَرٍّ وَلَا) فِي شِدَّةِ (بَرْدٍ وَلَا مَرِيضُ فِي مَرَضِهِ وَلَا حَامِلٌ حَالَ حَمْلِهَا، وَلَا بَعْدَ وَضْعِهَا حَتَّى يَنْقَضِي نِفَاسُهَا) لِئَلَّا يَحِيفَ وَيَتَعَدَّى إلَى فَوَاتِ النَّفْسِ.
(وَإِذَا قُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ سَرَقَ قَبْلَ انْدِمَالِهَا لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى يَنْدَمِل الْقَطْعُ الْأَوَّلُ) خَوْفًا مِنْ أَنْ يُفْضِي إلَى هَلَاكِهِ (وَكَذَا لَوْ قُطِعَتْ رَجُلُهُ قِصَاصًا لَمْ تُقْطَعْ الْيَدُ فِي السَّرِقَةِ حَتَّى تَبْرَأ الرِّجْلُ) لِمَا مَرَّ وَأَمَّا قُطَّاعُ الطَّرِيقِ فَإِنَّ قَطْعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ حَدُّ وَاحِدُ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ (فَإِنْ عَادَ) لِلسَّرِقَةِ (ثَالِثًا بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ حَرُمَ قَطْعُهُ) رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ عَلِيٍّ، وَلِأَنَّ قَطْعَ الْكُلِّ يُفَوِّتُ مَنْفَعَةَ الْجِنْسِ فَلَمْ