وَأَمَّا الْعِفَّةُ عَنْ الزِّنَا فَلِأَنَّ غَيْرَ الْعَفِيفِ لَا يُشِينُهُ الْقَذْفُ وَالْحَدُّ إنَّمَا وَجَبَ لِأَجَلِ ذَلِكَ وَقَدْ أَسْقَطَ اللَّهُ الْحَدَّ عَنْ الْقَاذِفِ إذَا كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِمَا قَالَ وَأَمَّا كَوْنه يُجَامِعُ مِثْلُهُ فَلِأَنَّ مَنْ دُونَهُ لَا يُعَيَّرُ بِالْقَذْفِ لِتَحَقُّقِ كَذِبِ الْقَاذِفِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُحْصَنِ الْعَدَالَةَ فَلَوْ كَانَ فَاسِقًا لِشُرْبِهِ الْخَمْر أَوْ الْبِدْعَةَ وَلَمْ يُعْرَفْ بِالزِّنَا وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى قَاذِفِهِ (وَلَوْ تَائِبًا مِنْ زِنًا) فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ لِأَنَّ التَّوْبَةَ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا (أَوْ) كَانَ الْمَقْذُوفُ (مُلَاعِنَةً) فَيُحَدُّ قَاذِفُهَا كَغَيْرِهَا (وَوَلَدُهَا) أَيْ الْمُلَاعِنَةُ (وَوَلَدُ زِنًا كَغَيْرِهِمَا فَيُحَدُّ مَنْ قَذَفَهُمَا) إذَا كَانَا مُحْصَنَيْنِ كَغَيْرِهِمَا.

(وَمَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ وَلَدِ الْمُلَاعِنَةِ وَوَلَدِ الزِّنَا (أَوْ) ثَبَتَ زِنَاهُ (مِنْ غَيْرِهِمَا بِبَيِّنَةٍ) أَوْ بِأَرْبَعَةِ رِجَالٍ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ لِلْآيَةِ (أَوْ شَهِدَ بِهِ) أَيْ بِزِنَاهُ (شَاهِدَانِ) فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] (أَوْ أَقَرَّ) الْمَقْذُوفَ (بِهِ) أَيْ بِالزِّنَا (وَلَوْ دُونَ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ) فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ (أَوْ حُدَّ لِلزِّنَا فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفَةِ) لِعَدَمِ إحْصَانِهِ (وَيُعَزَّرُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ قَالَ لِمَنْ زَنَى فِي شِرْكِهِ أَوْ كَانَ مَجُوسِيًّا تَزَوَّجَ بِذَاتِ مَحْرَمٍ) كَأُخْتِهِ (بَعْد أَنْ أَسْلَمَ يَا زَانِي فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إذَا فَسَّرَهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالزِّنَا فِي شِرْكِهِ أَوْ بِتَزَوُّجِهِ بِذَاتِ مَحْرَمِهِ لِأَنَّهُ صَادِقُ (وَيُعَزَّرُ) لِإِيذَائِهِ لَهُ.

(وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَقْذُوفِ الْبُلُوغَ بَلْ) أَنْ (يَكُونَ مِثْلُهُ يَطَأُ أَوْ يُوطَأَ كَابْنِ عَشْرٍ) فَأَكْثَرَ (وَابْنَةِ تِسْعٍ) فَأَكْثَرَ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُمَا الشَّيْنُ بِإِضَافَةِ الزِّنَا إلَيْهِمَا وَيُعَيَّرَانِ بِذَلِكَ وَلِهَذَا جُعِلَ عَيْبًا فِي الرَّقِيقِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَر سَلَامَتُهُ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ (وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَاذِفِ ابْن عَشْرٍ وَنَحْوِهِ (الْحَدُّ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَقْذُوفُ وَيُطَالِبَ بِهِ) أَيْ الْحَدُّ (بَعْدَ بُلُوغِهِ) لِعَدَمِ اعْتِبَارِ كَلَامِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ (وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ) أَيْ وَلِيِّ غَيْرِ الْبَالِغِ (الْمُطَالَبَةَ عَنْهُ) بِالْحَدِّ حَذَرًا مِنْ فَوَاتِ التَّشَفِّي (وَكَذَا لَوْ جُنَّ الْمَقْذُوفُ) قَبْلَ الطَّلَبِ (أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الطَّلَبِ) بِالْحَدِّ لَمْ يُقَمْ عَلَى الْقَاذِفِ حَتَّى يُفِيقَ الْمَقْذُوفُ وَيُطَالِبُهُ وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ الْمُطَالَبَةُ عَنْهُ لِمَا سَلَفَ.

(وَإِنْ كَانَ) جُنُونُهُ أَوْ إغْمَاؤُهُ (بَعْدَهُ) أَيْ الطَّلَبِ، (أُقِيمَ) الْحَدُّ فِي الْحَالِ لِوُجُودِ شَرْطِهِ (كَمَا لَوْ وُكِّلَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ ثُمَّ جُنَّ) مُسْتَحَقُّهُ جُنُونًا غَيْرَ مُطْبَقٍ (أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ) فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ وَكِيلَهُ مِنْ اسْتِيفَائِهِ، فَإِنْ كَانَ الْجُنُونُ مُطْبَقًا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِهِ.

(وَإِنْ قَذَفَ غَائِبًا اُعْتُبِرَ قُدُومُهُ وَطَلَبَهُ) لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ أَشْبَهَ سَائِرَ حُقُوقِهِ (إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ طَالَبَهُ فِي غَيْبَتِهِ فَيُحَدُّ) الْقَاذِفُ لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَهُوَ الطَّلَبُ.

(وَإِنْ كَانَ الْقَاذِفُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015