(بَابُ الْقَذْفِ وَهُوَ الرَّمْيُ بِزِنًا أَوْ لِوَاطٍ أَوْ شَهَادَةٍ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِنًا أَوْ لِوَاطٍ (عَلَيْهِ وَلَمْ تَكْمُل الْبَيِّنَةُ) بِذَلِكَ (وَهُوَ) مُحَرَّمٌ بَلْ (كَبِيرَةٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 23] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الشِّرْكُ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (مَنْ قَذَفَ وَلَوْ) كَانَ الْقَاذِفُ (أَخْرَسُ بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ وَلَوْ فِي غَيْرِ دَارِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ) .
أَيْ الْقَاذِفُ (مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ مُحْصَنٌ وَلَوْ) كَانَ الْمَقْذُوفُ (ذَاتَ مَحْرَمٍ أَوْ مَجْبُوبًا أَوْ خَصِيًّا أَوْ مَرِيضًا مُدْنِفًا) أَيْ مُشْرِفًا عَلَى الْهَلَاكِ (أَوْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ حُدَّ حَرٌّ ثَمَانِينَ جَلْدَةً) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] .
(وَ) حَدُّ (قِنٍّ وَلَوْ عَتَقَ) بَعْدَ الْقَذْفِ (قَبْلَ حَدِّهِ أَرْبَعِينَ) جَلْدَةً لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ عَلَى النِّصْفِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ " أَدْرَكْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَالْخُلَفَاءَ وَهَلُمَّ جَرًّا مَا رَأَيْتُ أَحَدًا جَلَدَ عَبْدًا فِي فِرْيَةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ " رَوَاهُ مَالِكٌ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مُخَصِّصًا لِلْآيَةِ.
(وَ) حَدُّ (مُعْتَقِ بَعْضُهُ بِحِسَابِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِّ الزِّنَا (سِوَى أَبَوَيْهِ) أَيْ الْمَقْذُوفُ (وَإِنْ عَلَوْا فَلَا يُحَدَّانِ بِقَذْفِ وَلَدٍ وَإِنْ نَزَلَ) نُصَّ عَلَيْهِ (كَقَوَدٍ وَلَا يُحَدَّانِ) أَيْ الْأَبَوَانِ (لَهُ) لِوَلَدِهِمَا وَإِنْ نَزَلَ فِي قَذْفِ وَلَا غَيْرِهِ، فَلَا يَرِثُ الْوَلَدُ حَدَّ الْقَذْفِ عَلَى أَبَوَيْهِ كَمَا لَا يَرِثُ الْقَوَدَ عَلَيْهِمَا (فَإِنْ قَذَفَ أُمَّ ابْنِهِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ) أَيْ الْقَاذِفُ أَيْ غَيْرُ زَوْجَةٍ لَهُ (فَمَاتَتْ) الْمَقْذُوفَةُ (قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ لَمْ يَكُنْ لِابْنِهِ الْمُطَالَبَةُ) بِهِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْلِكْ طَلَبَهُ بِقَذْفِهِ لِنَفْسِهِ فَلِغَيْرِهِ أَوْلَى وَكَالْقَوَدِ (فَإِنْ كَانَ لَهَا) أَيْ الْمَقْذُوفَةَ (ابْنٌ آخَرَ