وَعَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ (وَلَوْ) كَانَ الرَّقِيقُ (مُكَاتَبًا) أَيْ فَلِسَيِّدِهِ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَلَمْ أَعْلَم لَهُ مُتَابِعًا عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُقِيمُهُ عَلَيْهِ هُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ الْمُنَجَّا وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَمُنْتَخَبِ الْأَزِجِيَّ قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: وَيَمْلِكُهُ السَّيِّدُ مُطْلَقًا عَلَى قِنٍّ وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ قَالَ فِي الْكُبْرَى: وَلَا يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى مُكَاتَبِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُبْدِعِ قَالَ وَفِيهِ وَجْهٌ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ الْمَذْهَب لِأَنَّهُ عَبْدٌ (أَوْ مَرْهُونًا أَوْ مُسْتَأْجَرًا) أَيْ فَلِلسَّيِّدِ إقَامَتُهُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا مِلْكَهُ (وَلَوْ أُنْثَى) فَلِلسَّيِّدِ إقَامَةِ الْجَلْدِ عَلَيْهَا لِمَا تَقَدَّمَ.
وَالْحَدُّ الَّذِي يُقِيمُهُ السَّيِّدُ عَلَى قِنِّهِ (كَحَدِّ الزِّنَا وَحْدِ الشُّرْبِ) لِلْمُسْكِرِ (وَحْدِ الْقَذْفِ) لِمُحْصَنٍ (كَمَا) أَنَّ (لَهُ) أَيْ السَّيِّدُ (أَنْ يُعَزِّرَهُ) أَيْ قِنَّهُ (فِي حَقِّ اللَّهِ) تَعَالَى.
(وَ) فِي (حَقِّ نَفْسِهِ) أَيْ السَّيِّد لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَمَالِيكِ (وَلَا يَمْلِكُ) السَّيِّدُ (الْقَتْلَ) لِقَنِّهِ (فِي الرِّدَّةِ وَ) لَا (الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أُمِرَ بِالْجَلْدِ فَلَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِهِ وَلِأَنَّ فِي الْجَلْدِ سَتْرًا عَلَى رَقِيقِهِ لِئَلَّا يَفْتَضِحَ بِإِقَامَةِ الْإِمَامِ لَهُ فَيَنْقُصُ قِيمَتَهُ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِيهِمَا (بَلْ ذَلِكَ) أَيْ الْقَتْل فِي الرِّدَّةِ وَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ (لِلْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ لِمَا سَبَقَ.
(وَلَا يَمْلِكُ) السَّيِّدُ (إقَامَتَهُ) أَيْ الْجَلْدُ (عَلَى قِنٍّ مُشْتَرَكٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى كُلِّهِ وَالْحَدُّ تَصَرُّفٌ فِي الشَّكْلِ (وَلَا) يَمْلِكُ أَيْضًا إقَامَتَهُ (عَلَى مَنْ بَعْضَهُ حُرٌّ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا عَلَى أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَلَا مُخَالِفٌ لَهُ فِي الصَّحَابَة وَلِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا مَمْلُوكَةٌ لِغَيْرِهِ مِلْكًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِوَقْتٍ أَشْبَهَتْ الْمُشْتَرَكَةَ (وَلَا) يَمْلِكُ وَلِيٌّ إقَامَةَ الْحَدِّ (عَلَى رَقِيقِ مُوَلِّيهِ كَأَجْنَبِيِّ) أَيْ كَمَا لَا يَمْلِكُ أَجْنَبِيٌّ إقَامَةَ حَدٍّ عَلَى رَقِيقِ غَيْرِهِ بَلْ يُقِيمُهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (وَلَا يَمْلِكُهُ) أَيْ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَى رَقِيقِهِ (الْمُكَاتَب) لِضَعْفِ مِلْكِهِ.
(وَلَا يُقِيمُهُ) أَيْ الْحَدَّ (السَّيِّدُ حَتَّى يَثْبُتَ) مُوجِبُهُ (عِنْدَهْ إمَّا بِإِقْرَارِ الرَّقِيق الْإِقْرَار الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْحَدُّ إذَا عَلِمَ) السَّيِّدُ (شُرُوطَهُ) أَيْ الْإِقْرَارَ (أَوْ) يَثْبُتُ (بِبَيِّنَةٍ يَسْمَعُهَا) أَيْ السَّيِّدُ (إنْ كَانَ) السَّيِّدُ (يُحْسِنُ سَمَاعَهَا) أَيْ الْبَيِّنَةَ (وَيَعْرِفُ شُرُوطَ الْعَدَالَةِ) الْمُعْتَبَرَة فِي الشَّهَادَة لِأَنَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ حُجَّةٌ فِي ثُبُوتِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ حَالُ السَّيِّدِ فِيهِ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَسْمَع إقْرَارَهُ وَيُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهِ وَيُقَدِّم سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ (وَإِنْ ثَبَتَ) مُوجِبُ الْحَدِّ (بِعِلْمِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (فَلَهُ إقَامَتُهُ) لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ تَأْدِيبَهُ