وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا يَقْتُلُ غَالِبًا مِنْ الْمَشْيِ فِي الْهَوَاءِ عَلَى الْحِبَالِ وَالْجَرْيِ فِي الْمَوَاضِعِ الْبَعِيدَةِ مِمَّا يَفْعَلُهُ أَرْبَابُ الْبَطَالَةِ وَالشَّطَارَةِ، وَيَحْرُمُ أَيْضًا إعَانَتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَإِقْرَارُهُمْ عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ وَالْخَطَأُ ضَرْبَانِ]

(فَصْلٌ وَالْخَطَأُ) ضَرْبَانِ ضَرْبٌ فِي الْفِعْلِ (كَرَمْيِ صَيْدٍ أَوْ غَرَضٍ أَوْ شَخْصٍ - وَلَوْ مَعْصُومًا - أَوْ بَهِيمَةٍ - وَلَوْ مُحْتَرَمَةً - فَيُصِيبُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا لَمْ يَقْصِدْهُ) فَهُوَ خَطَأٌ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: إذَا رَمَى مَعْصُومًا أَوْ بَهِيمَةً مُحْتَرَمَةً فَأَصَابَ آدَمِيًّا مَعْصُومًا لَمْ يَقْصِدْهُ فَهُوَ عَمْدٌ، قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَهُ الْقَاضِي فِي رِوَايَتَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ اهـ وَهُوَ مَفْهُومُ الْمُنْتَهَى (أَوْ يَنْقَلِبُ عَلَيْهِ نَائِمٌ وَنَحْوُهُ) كَمُغْمًى عَلَيْهِ (فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) .

الضَّرْبُ الثَّانِي وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَرْمِيَ مَا يَظُنُّهُ صَيْدًا أَوْ هَدَفًا فَيُصِيبَ آدَمِيًّا لَمْ يَقْصِدْهُ أَوْ مُبَاحَ الدَّمِ الثَّانِي: مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ قَتَلَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَنْ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا فَيَتَبَيَّنُ مُسْلِمًا أَوْ يَرْمِي إلَى صَفِّ الْكُفَّارِ فَيُصِيبُ مُسْلِمًا) لَمْ يَقْصِدْهُ (أَوْ يَتَتَرَّسُ الْكُفَّارُ بِمُسْلِمٍ؛ وَيَخَافُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَرْمِهِمْ فَيَرْمِيهِمْ فَيَقْتُلُ الْمُسْلِمَ فَهَذَا فِيهِ الْكَفَّارَةُ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] (بِلَا دِيَةٍ) لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ دِيَةً فِي هَذَا الْقِسْمِ وَذَكَرَهَا فِي اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ.

(قَالَ الشَّيْخُ هَذَا فِي الْمُسْلِمِ الَّذِي هُوَ بَيْنَ الْكُفَّارِ مَعْذُورٌ كَالْأَسِيرِ، وَالْمُسْلِمُ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ الْهِجْرَةُ وَالْخُرُوجُ مِنْ صَفِّهِمْ فَأَمَّا الَّذِي يَقِفُ فِي صَفِّ قِتَالِهِمْ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا يُضْمَنُ بِحَالٍ) لِأَنَّهُ الَّذِي عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلتَّلَفِ بِلَا عُذْرٍ (وَإِنْ قُتِلَ بِسَبَبٍ كَاَلَّذِي يَحْفِرُ بِئْرًا أَوْ يَنْصِبُ حَجَرًا أَوْ سِكِّينًا وَنَحْوَهُ تَعَدِّيًا وَلَمْ يَقْصِدْ جِنَايَةً فَيَؤُولُ إلَى إتْلَافِ الْإِنْسَانِ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الْخَطَإِ) لِأَنَّهُ يُشَارِكُ الْخَطَأَ فِي الْإِتْلَافِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ خَطَأً لِعَدَمِ الْقَصْدِ فِي الْجُمْلَةِ، هَذَا كَلَامُ الْمُوَفَّقِ وَمَنْ تَابَعَهُ، وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ هُوَ مِنْ الْخَطَإِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَوَّلًا حَيْثُ جَعَلَ الْقَتْلَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَالْقَتْلُ بِالسَّبَبِ مُلْحَقٌ بِالْخَطَإِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْجِنَايَةَ (فَإِنْ قَصَدَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015