الْإِسْرَاءُ (قَبْلَ الْهِجْرَةِ) مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ (بِنَحْوِ خَمْسِ سِنِينَ) عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ أَهْلِ السِّيَرِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ، وَهُوَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَمْسِ سِنِينَ.
(وَ) الصَّلَوَاتُ (الْخَمْسُ فَرْضُ عَيْنٍ) بِالْكِتَابِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] وَقَوْلِهِ: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ} [البينة: 5] وَبِالسُّنَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَبِالْإِجْمَاعِ.
وَقَالَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ لِابْنِ عَبَّاسٍ هَلْ تَجِدُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَرَأَ {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ} [الروم: 17] الْآيَتَيْنِ (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ.
(وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ الشَّرْعُ) أَيْ: مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَحْكَامِ (كَمَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ حَرْبٍ وَنَحْوِهِ) كَمَنْ نَشَأَ بِرَأْسِ جَبَلٍ (وَلَمْ يَسْمَعْ بِالصَّلَاةِ، فَيَقْضِيهَا) إذَا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ وَتَعَلَّمَ حُكْمَهَا لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَقِيلَ: لَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّرَائِعَ لَا تُلْزَمُ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ، وَأَجْرَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا قَبْلَ بُلُوغِ الشَّرْعِ، مِنْ تَيَمُّمٍ وَزَكَاةٍ وَنَحْوِهِمَا.
(إلَّا حَائِضًا وَنُفَسَاءَ) فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا وَلَا يَقْضِيَانِهَا، لِمَا مَرَّ (وَلَوْ طَرَحَتْ نَفْسَهَا) بِضَرْبٍ أَوْ دَوَاءٍ وَنَحْوِهِمَا، وَتَقَدَّمَ.
(وَتَجِبُ) الْخَمْسُ (عَلَى نَائِمٍ) أَيْ: يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا إذَا اسْتَيْقَظَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَوْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ حَالَ نَوْمِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا كَالْمَجْنُونِ، وَمِثْلُهُ السَّاهِي (وَيَجِبُ إعْلَامُهُ) أَيْ: النَّائِمِ (إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ) صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَجَزَمَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ فِي التَّمْهِيدِ.
(وَتَجِبُ) الْخَمْسُ (عَلَى مَنْ تَغَطَّى عَقْلُهُ بِمَرَضٍ، أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ دَوَاءٍ مُبَاحٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ الصَّوْمَ، فَكَذَا الصَّلَاةُ، وَكَالنَّائِمِ وَلِأَنَّ عَمَّارًا غُشِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ هَلْ صَلَّيْت فَقَالُوا مَا صَلَّيْت مُنْذُ ثَلَاثٍ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى تِلْكَ الثَّلَاثَ ". وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ نَحْوُهُ
وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ مُدَّةَ الْإِغْمَاءِ لَا تَطُولُ غَالِبًا وَلَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ وَيَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ (أَوْ) تَغَطَّى عَقْلُهُ (بِمُحَرَّمٍ كَمُسْكِرٍ فَيَقْضِي) لِأَنَّ سُكْرَهُ مَعْصِيَةٌ فَلَا يُنَاسِبُ إسْقَاطَ الْوَاجِبِ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ إذَا