مِنْ مَمْلُوكٍ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مَالِهِ» قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ عَنْ بَعْضِ مَمْلُوكِ الْآدَمِيِّ فَزَالَ عَنْ جَمِيعِهِ كَالطَّلَاقِ وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى السِّعَايَةِ وَلَا يَنْبَنِي عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ وَأَمَّا إذَا قَالَ: شَعْرُك أَوْ نَحْوُهُ حُرٌّ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَزُولُ وَيَخْرُجُ غَيْرُهَا فَهِيَ فِي قُوَّةِ الْمُنْفَصِلَةِ.
(وَإِنْ أَعْتَقَ) أَحَدُ شَرِيكَيْنِ (شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ) أَوْ أَمَةٍ بِأَنْ أَعْتَقَ حِصَّته أَوْ بَعْضَهَا (أَوْ) أَعْتَقَ (الْعَبْدَ) الْمُشْتَرَكَ (كُلَّهُ) أَوْ أَعْتَقَ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ كُلَّهَا.
(وَهُوَ) أَيْ الشَّرِيكُ الَّذِي بَاشَرَ الْعِتْقَ (مُوسِرٌ بِقِيمَةِ بَاقِيهِ يَوْمَ) أَيْ حِينَ (عِتْقِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي زَكَاةِ فِطْرٍ عَتَقَ) الْعَبْدِ (كُلِّهِ) أَوْ الْأَمَةِ كُلِّهَا (وَعَلَيْهِ) أَيْ الشَّرِيكِ الْمُبَاشِرِ لِلْعِتْقِ (قِيمَةُ بَاقِيهِ لِشَرِيكِهِ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَّتَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا عَتَقَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (وَقْتَ عِتْقِهِ) أَيْ اللَّفْظِ بِالْعِتْقِ لِأَنَّهُ حِينَ التَّلَفِ (فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ) الشَّرِيكُ الْمُعْتِقُ (الْقِيمَةَ حَتَّى أَفْلَسَ) أَيْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ لِفَلَسٍ (كَانَتْ) الْقِيمَةُ (فِي ذِمَّتِهِ) فَيُضْرَبُ لِرَبِّهَا بِهَا أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَلَمْ يَبْطُلْ الْعِتْقُ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ لَا يَرْتَفِعُ (وَيُعْتَقُ عَلَى مُوسِرٍ بِبَعْضِهِ) أَيْ بِبَعْضِ قِيمَةِ بَاقِي الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا هُوَ مُوسِرٌ بِهِ وَبَاقِيه رَقِيقٌ (كَمَا تَقَدَّمَ) فِيمَنْ مَلَكَ جُزْءًا مِنْ ذِي رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ بِنَسَبٍ (وَوَلَاؤُهُ) أَيْ وَلَاءُ مَا عَتَقَ عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِالسِّرَايَةِ (لَهُ لِأَنَّهُ الْمُعْتِقُ لَهُ وَلِذَلِكَ غُرِّمَ قِيمَتَهُ وَسَوَاءٌ) فِيمَا تَقَدَّمَ (كَانَ الْعَبْدُ وَالشُّرَكَاءُ مُسْلِمِينَ) كُلُّهُمْ (أَوْ كَافِرِينَ) كُلُّهُمْ (أَوْ) كَانَ بَعْضُهُمْ مُسْلِمًا وَبَعْضُهُمْ كَافِرًا، وَلَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ كَافِرًا وَالْعَبْدُ مُسْلِمًا لِمَا تَقَدَّمَ وَلَا فَرْقَ فِي الْعَبْدِ أَيْضًا بَيْن الْقِنِّ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَنَحْوِهِ وَلَوْ مَعَ رَهْنِ شِقْصِ الشَّرِيكِ وَتُجْعَلُ قِيمَتُهُ مَكَانَهُ.
وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرَكُ مُكَاتَبًا وَسَرَى الْعِتْقُ قُوِّمَ مُكَاتَبًا وَغُرِّمَ الْمُعْتِقُ حِصَّةَ الشَّرِيكِ مِنْهُ (فَإِنْ أَعْتَقَهُ الشَّرِيكُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ عِتْقِ شَرِيكِهِ لِنَصِيبِهِ وَسِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَى نَصِيبِهِ (وَلَوْ قَبْلَ أَخْذِ) الشَّرِيكِ (الْقِيمَةَ) لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ حُرًّا بِعِتْقِ الْأَوَّلِ لَهُ لِأَنَّ عِتْقَهُ حَصَلَ بِاللَّفْظِ لَا بِدَفْعِ الْقِيمَةِ وَصَارَ جَمِيعُهُ حُرًّا وَاسْتَقَرَّتْ الْقِيمَةُ عَلَى الْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ فَلَا يُعْتَقُ بَعْدَ ذَلِكَ بِعِتْقِ غَيْرِهِ.
(أَوْ تَصَرُّفِ) الشَّرِيكِ (فِيهِ) أَيْ فِي نَصِيبِهِ مِنْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَعْدَ عِتْقِ شَرِيكِهِ الْمُوسِرِ (لَمْ يَنْفُذْ) تَصَرُّفُهُ سَوَاءٌ كَانَ بَيْعًا أَوْ هِبَةً أَوْ إجَارَةً وَنَحْوَهَا لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي حُرٍّ.