أَنْ يَكُونَ حَيْضًا بِالضَّمِّ وَأَشَارَ إلَى مَا أَمْكَنَ جَعْلُهُ بِنَفْسِهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا) أَيْ: الدَّمَيْنِ (أَقَلُّ الطُّهْرِ: ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَكُلٌّ مِنْ الدَّمَيْنِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا إذَنْ بِمُفْرَدِهِ) بِأَنْ يَكُونَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَأَكْثَرَ وَلَا يُجَاوِزُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ (فَيَكُونَانِ حَيْضَتَيْنِ) لِوُجُودِ الطُّهْرِ التَّامِّ بَيْنَهُمَا.
(إذَا تَكَرَّرَ) الثَّانِي ثَلَاثًا (وَإِنْ نَقَصَ أَحَدُهُمَا عَنْ أَقَلِّ حَيْضٍ، فَهُوَ دَمٌ فَاسِدٌ إذَا لَمْ يُمْكِنْ ضَمُّهُ إلَى مَا بَعْدَهُ) يَعْنِي إلَى الدَّمِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ حَيْضًا وَلَا نِفَاسًا.
(وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ جَعْلُهُ حَيْضًا لِعُبُورِهِ أَكْثَرَ الْحَيْضِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّمِ الْأَوَّلِ أَقَلُّ الطُّهْرِ) بَلْ كَانَ بَيْنَهُمَا دُونَهُ (فَهَذَا اسْتِحَاضَةٌ، سَوَاءٌ تَكَرَّرَ أَمْ لَا) لِمُجَاوَزَتِهِ أَكْثَرَ الْحَيْضِ (وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِالْمِثَالِ فَلَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا فَرَأَتْ مِنْهَا خَمْسَةً دَمًا وَطَهُرَتْ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ، ثُمَّ رَأَتْ خَمْسَةً) أُخْرَى (دَمًا وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ) ثَلَاثًا (فَالْخَمْسَةُ الْأُولَى وَ) الْخَمْسَةُ (الثَّالِثَةُ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ بِالتَّلْفِيقِ) لِأَنَّهُمَا مَعَ مَا بَيْنَهُمَا لَا يُجَاوِزَانِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (وَلَوْ رَأَتْ) الدَّمَ (الثَّانِيَ سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً) فَأَكْثَرَ (لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا) لِمُجَاوَزَتِهِ مَعَ الْأَوَّلِ وَمَا بَيْنَهُمَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ (وَلَوْ كَانَتْ رَأَتْ يَوْمًا) بِلَيْلَتِهِ (دَمًا وَثَلَاثَةَ عَشَرَ طُهْرًا ثُمَّ رَأَتْ يَوْمًا) بِلَيْلَتِهِ (دَمًا وَتَكَرَّرَ) الثَّانِي (فَهُمَا حَيْضَتَانِ لِوُجُودِ طُهْرٍ صَحِيحٍ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
(وَلَوْ رَأَتْ يَوْمَيْنِ دَمًا وَ) رَأَتْ (اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا طُهْرًا، ثُمَّ) رَأَتْ (يَوْمَيْنِ دَمًا فَهُنَا لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُمَا حَيْضَةً وَاحِدَةً، لِزِيَادَةِ الدَّمَيْنِ مَعَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الطُّهْرِ عَنْ أَكْثَرِ الْحَيْضِ) لِأَنَّ مَجْمُوعَ ذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا (وَلَا) يُمْكِنْ (جَعْلُهُمَا حَيْضَتَيْنِ، لِانْتِقَاءِ طُهْرٍ صَحِيحٍ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ بَيْنَهُمَا اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا وَأَقَلُّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ (فَيَكُونُ الْحَيْضُ مِنْهُمَا مَا وَافَقَ الْعَادَةَ) لِتَقَوِّيهِ بِمُوَافَقَتِهَا (وَ) يَكُونُ (الْآخَرُ اسْتِحَاضَةً) وَلَوْ تَكَرَّرَ.
(وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ) وَهُمَا شَيْءٌ كَالصَّدِيدِ يَعْلُوهُ صُفْرَةٌ وَكُدْرَةٌ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ حَيْضٌ) لِدُخُولِهِمَا فِي عُمُومِ النَّصِّ وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ وَكَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إلَيْهَا بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ: لَا تَعَجَّلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضِ.
وَفِي الْكَافِي قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ هِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَتْبَعُ الْحَيْضَةَ (لَا بَعْدَهَا) أَيْ: لَيْسَتْ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ بَعْدَ الْعَادَةِ حَيْضًا (وَلَوْ تَكَرَّرَ) ذَلِكَ فَلَا تَجْلِسُهُ لِقَوْلِ أُمِّ عَطِيَّةَ كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبُخَارِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَ الطُّهْرِ