وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَنْفَعَةِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصْحَابِ.
(وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ) بِالْمَنْفَعَةِ (مُطْلَقَةً فِي الزَّمَانِ كُلِّهِ فَإِنْ كَانَتْ مَنْفَعَةُ عَبْدٍ وَنَحْوِهِ فَتُقَوَّمُ الرَّقَبَةُ بِمَنْفَعَتِهَا لِأَنَّ عَبْدًا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ لَا قِيمَةَ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ) الْمَنْفَعَةُ الْمُوصَى بِهَا (ثَمَرَةُ بُسْتَانٍ قُوِّمَتْ الرَّقَبَةُ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَ) تُقَوَّمُ (الْمَنْفَعَةُ عَلَى الْوَصِيِّ لِأَنَّ الشَّجَرَ يُنْتَفَعُ بِحَطَبِهِ إذَا يَبِسَ فَإِذَا قِيلَ قِيمَةُ الشَّجَرَةِ عَشَرَةٌ وَبِلَا ثَمَرَةٍ دِرْهَمٌ عَلِمْنَا أَنَّ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ تِسْعَةٌ) فَيُعْتَبَرُ خُرُوجُهَا مِنْ الثُّلُثِ.
(وَلَوْ وَصَّى بِمَنَافِعِ عَبْدِهِ أَوْ) بِمَنَافِعِ (أَمَتِهِ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً) كَسَنَةٍ (صَحَّ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلِلْوَرَثَةِ عِتْقُهَا) لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ (لَا عَنْ كَفَّارَةٍ) لِعَجْزِهَا عَنْ الِاسْتِقْلَالِ بِنَفْعِهَا فَهِيَ كَالزَّمِنَةِ.
(وَمَنْفَعَتُهَا بَاقِيَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِشَيْءٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ شَيْئًا (وَإِنْ أَعْتَقَ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ لَمْ يُعْتَقْ) لِأَنَّ الْعِتْقَ لِلرَّقَبَةِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا (فَإِنْ وَهَبَ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ) وَهُوَ الْمُوصَى لَهُ بِهَا (مَنَافِعَهُ لِلْعَبْدِ أَوْ أَسْقَطَهَا) عَنْهُ (فَلِلْوَرَثَةِ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِأَنَّ مَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ) فَعَلَى هَذَا إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَيْسَ لَهُمْ الِانْتِفَاعُ بِهِ.
(وَلَهُمْ) أَيْ: الْوَرَثَةِ (بَيْعُهَا) أَيْ: الرَّقَبَةُ (مِنْ الْمُوصَى لَهُ) بِمَنَافِعِهَا وَلِغَيْرِهِ (لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ يَرْجُو الْكَمَالَ بِحُصُولِ مَنَافِعِهَا لَهُ مِنْ جِهَةِ الْوَصِيِّ إمَّا بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ مُصَالَحَةٍ بِمَالٍ وَقَدْ يُقْصَدُ تَكْمِيلُ الْمَصْلَحَةِ لِمَالِك الْمَنْفَعَةِ بِتَمْلِيكِهَا لَهُ) .
أَيْ: تَمْلِيكِ الرَّقَبَةِ لِلْمُوصَى لَهُ وَفِي نُسْخَةٍ بِتَكْمِيلِهَا (وَقَدْ يُعْتِقُهَا فَيَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ) وَلِأَنَّ الرَّقَبَةَ مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ صَحَّ بَيْعُهَا كَغَيْرِهَا وَتُبَاعُ مَسْلُوبَةُ الْمَنْفَعَةِ وَيَقُومُ الْمُشْتَرِي مَقَامَ الْبَائِعِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ (وَإِنْ جَنَتْ) الْأَمَةُ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا أَوْ الْعَبْدُ (سَلَّمُوهَا) لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ (أَوْ فَدَوْهَا مَسْلُوبَةَ) الْمَنْفَعَةِ.
(وَيَبْقَى انْتِفَاعُ الْوَصِيَّةِ بِحَالِهِ) لِأَنَّ جِنَايَتَهَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا لَا بِمَنْفَعَتِهَا (وَلَهُمْ) أَيْ: الْوَرَثَةِ (كِتَابَتُهَا) أَيْ: الْأَمَةِ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا وَكَذَا الْعَبْدُ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهِ كَبَيْعِهِ.
(وَ) لَهُمْ (وِلَايَةُ تَزْوِيجِهَا وَلَيْسَ لَهُمْ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِإِذْنِ مَالِك الْمَنْفَعَةِ) لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِهِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ جَازَ (وَيَجِبُ) تَزْوِيجُهَا (بِطَلَبِهَا) لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا (وَالْمَهْرُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَجَبَ) سَوَاءٌ كَانَ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا (لِلْمُوصَى لَهُ) لِأَنَّهُ بَدَلُ بِضْعِهَا، وَهُوَ مِنْ مَنَافِعِهَا.
(وَإِنْ وُطِئَتْ) الْأَمَةُ الْمُوصَى بِنَفْعِهَا (بِشُبْهَةٍ، فَالْوَلَدُ حُرٌّ) لِاعْتِقَادِ الْوَاطِئِ أَنَّهُ وَطِئَ فِي مِلْكٍ كَالْمَغْرُورِ بِأَمَةٍ (وَلِلْوَرَثَةِ قِيمَتُهُ)